المبحث الرابع: إدارة البلدية:
المطلب الأول: الأمانة العامة:
إن الأمانة العامة للبلدية يسيرها أمينا عاما وهذا الأخير حسب بعض المختصين يعتبر الركيزة الأساسية في البلدية ويعتبر المساعد المباشر الأساسي لرئيس البلدية.
وتجدر الإشارة أن وظيفة أمين عام للبلدية موجودة على مستوى كل بلديات التراب الوطني والتعيين فيها يكون حسب الشروط المنصوص عليها في المرسوم التنفيذي رقم 91-26 المؤرخ في 02/02/1991 المتضمن القانون الأساسي الخاص بالعمال المنتمين إلى قطاع البلديات وكذا المرسوم التنفيذي رقم 91-27 المؤرخ في 02/02/1991 الذي يحدد قائمة الوظائف العليا للإدارة البلدية.
وفيما يخص صلاحيات الأمين العام للبلدية تنص المادة 119 من المرسوم التنفيذي المذكور أعلاه ما بلي: (( يتولى الأمين العام للبلدية وتحت سلطة رئيس المجلس الشعبي البلدي ما يأتي:
-جميع مسائل الإدارة العامة.
-القيام بإعداد اجتماعات المجلس الشعبي البلدي.
-القيام بتنفيذ المداولات.
-القيام بتبليغ محاضر مداولات م.ش.ب والقرارات للسلطة الوصية إما على سبيل الإخبار أو من أجل ممارسة سلطة الموافقة والرقابة.
-تحقيق إقامة المصالح الإدارية والتقنية وتنظيمها والتنسيق بينها ورقابتها.
-ممارسة السلطة السلمية على موظفي البلدية.)).
ومن خلال نص المادة 119 نستطيع أن نحصر الصلاحيات الأساسية للأمين العام للبلدية فيما يلي:
• تسيير وتنشيط المصالح الإدارية والتقنية للبلدية.
• تحضير مداولات م.ش.ب وخاصة منها المتعلقة بالميزانية البلدية.
• يمارس السلطة الرئاسية على موظفي البلدية ولكنه يمارسها باسم رئيس البلدية وذلك طبقا لما جاء في المادة 128 من القانون رقم 90-08 التي تنص: (( تخضع إدارة البلدية للسلطة السلمية لرئيس المجلس الشعبي البلدي )).
وتظهر أهمية هذه الوظيفة أي وظيفة الأمين العام للبلدية خاصة حين تجديد المجالس الشعبية البلدية بحيث أثناء هذه المرحلة يصبح تقريبا هو المسؤول الأول لإدارة البلدية .
فيعتبر حينئذ الأمين العام للبلدية القناة أو الوسيط بين الهيئة البلدية المنتخبة والمصالح البلدية ولكن تجدر الإشارة أن الواقع في بعض الأحيان إن لم نقل في كثيرها.فإن صعوبات كثيرة تواجه ممارسة هذه الوظيفة . (1)
(1): الدكتور:ناصر لباد/ التنظيم الإداري/منشورات دحلب/حسين داي/الجزائر/ص ص206..209.
المطلب الثاني: المصالح الإدارية:
Les services administratifs
تتمثل هذه المصالح خاصة في خاصة مصلحة التنظيم والشؤون العامة ومصلحة المحاسبة ومصلحة الحالة المدنية.
فالمصلحة الأولى تتكفل بكل ما يتعلق بالانتخابات (مراجعة القوائم الانتخابية, التسجيل في القوائم الانتخابية’ التحضير للعمليات الانتخابية... ).
وكذلك بكل ما يتعلق بالتنظيم (التنظيم المتعلق بأصحاب الحرف,بالتجار,البوليس العام...).
أما مصلحة المحاسبة فإنها تتكفل بالميزانيات والمحاسبة وبتسيير المستخدمين وبتسيير الأملاك البلدية سواء منقولة أو عقارية وخاصة الاحتياطات العقارية.
أما مصلحة الحالة المدنية فهي تعتبر من أهم مصالح البلدية فهذه المصلحة تتكفل بتلقي والحفاظ وتسليم وثائق الحالة المدنية (مثل:شهادة الميلاد,شهادة الإقامة...) .
المطلب الثالث: المصالح التقنية للبلدية:
Les services techniques de la commune
تلعب المصالح التقنية البلدية دورا هاما خاصة أن البلدية تلعب دورا أساسيا في تجسيد المخططات الإنمائية البلدية وانجاز المدارس...فوجود المهندسين والمهندسين المعماريين وكذلك الأطباء البيطريين يساعدها على تحسين السير لمختلف النشاطات البلدية سواء في قطاع الصحة أو في قطاع الانجاز أو في ميدان التعمير والبناء.
المطلب الرابع: بعض المصالح الأخرى:
وهذه المصالح هي المصالح التقنية للدولة والمصالح المكلفة بالأمن.
-المصالح التقنية للدولة:
ليس لكل بلدية القدرة على إنشاء مصالح تقنية تابعة لها وعلى هذا الأساس تنص المادة 111 من قانون البلدية على ما يلي: (( تقدم المصالح التقنية للدولة مساعدتها للبلديات حسب الشروط المحددة في التنظيم )).
فهذه المصالح التقنية توضع من طرف الدولة في خدمة البلديات غير المؤطرة لتمكينها من إنجاز ومتابعة بعض المشاريع مثل قطاع الأشغال العمومية (طرقات,جسور...) وكذلك لأشغال الري ( مثل:مشاريع المياه الصالحة للشرب...).
- المصالح المكلفة بالأمن:
وتتمثل هذه المصالح في الشرطة البلدية أو الحرس البلدي من جهة وفي المكلف بالأمن على مستوى البلدية من جهة أخرى.(1)
(1): الدكتور:ناصر لباد/نفس المرجع السابق/ ص ص 208. 210.
المبحث الرابع: الرقابة على البلدية:
إن الرقابة على البلدية باعتقادنا أكثر إشكالية وصعوبة إذا ما قورنت بالرقابة على الولاية وذلك بسبب أن الجهاز المسير داخل البلدية هو منتخب,فعلى رأس الولاية مثلا:نجد الوالي وهو الشخص معين وإلى جانبه المسؤولين التنفيذيين ويسهل ممارسة الرقابة على هؤلاء كما رأينا أما على مستوى البلدية فالأمر يختلف حيث الرئيس ونوابه وسائر الأعضاء منتخبون مما يصعب لاشك من ممارسة الرقابة ورغم هذه الصعوبة إلا أن البلدية كالولاية تخضع للرقابة ولا يتنافى ذلك مع تمتعها بالشخصية المعنوية نفصّل ذلك فيما يلي:
المطلب الأول: الرقابة على المعينين:
مبدئيا لا يطرح هذا النوع من الرقابة إشكاليا على المستوى العملي فكل موظف أيا كانت درجة مسؤوليته وقطاع نشاطه خاضع لرابطة التبعية تجاه الإدارة المستخدمة أو سلطة الوصاية.
فالأمين العام للبلدية مثلا عندما يتلقى مجموعة تعليمات من سلطة الوصاية أو من والي الولاية يلزم تنفيذها في حدود صلاحياته وبما يخوله القانون من سلطة.
المطلب الثاني: الرقابة على المنتخبين:
كما سلف القول فإن هذا النوع من الرقابة يثير من حيث الأصل إشكاليات على المستوى العملي خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار استقلالية المجلس البلدي المنتخب غير أن هذا لا يعني إعفاء فئة المنتخبين وعدم خضوعهم للرقابة بل إن هؤلاء كأشخاص يخضعون لأنواع من الرقابة حددها القانون كما تخضع أعمالهم وخضع هيئتهم أيضا,أن عدم الاعتراف بهذه الرقابة تحت حجة الاستقلالية أمر من شأنه يبعدنا أكثر عن النظام اللامركزي .
المطلب الثالث: الرقابة على الأشخاص:
وتتخذ شكل الإقالة الحكمية والإيقاف والإقصاء.
*الإقالة الحكمية: جاء في المادة 31 من قانون البلدية: (( يصرح الوالي فورا بإقالة كل عضو في المجلس الشعبي البلدي تبيّن بعد الانتخاب أنه غير قابل للانتخاب قانونا أو تعتريه حالة من حالات التنافي ) ).
واضح من هذا النص المذكور أن سبب تجريد العضو من صفته هو تخلف شروط الانتخاب أو وجوده في حالة من حالات التنافي وهذا أمر معقول فكيف يتصور احتفاظ العضو بصفته وهو يفتقد لأحد الشروط القانونية أو وجد في حالة تنافي فإن ثبت ذلك تعين على الوالي أن يصدر قرارا يقضي بتجريده من الصفة.
*الإيقاف: نصت المادة 32 من قانون البلدية : (( عندما يتعرض منتخب إلى متابعة جزائية تحول دون مواصلة مهامه يمكن توقيفه...)).
من هذا نستنتج أن سبب الإيقاف أو تجميد العضوية هو المتابعة الجزائية والتي أعطى لها المشرع (1)
(1): الدكتور: عمار بوضياف/الوجيز في القانون الإداري/دار ريحانة/الجزائر/ص ص 143..144.
وصفا محددا بأنها تحول دون ممارسة العضو لمهامه ونتصور أنه في حالة كهذه أن العضو قيدت حريته أي أنه تم إيداعه الحبس الاحتياطي وكان أفضل باعتقادنا أن لا يستعمل المشرع لفظ يمكن لأنه إذا ثبتت المتابعة الجزائية وثبت مانع حضور أشغال المجلس تعين على المجلس إيقاف العضو كإجراء احترازي للمحافظة على مصداقية المجلس.
ووقوفا عند نص المادة 32 في فقرتها الثانية نجد أن المشرع قد استعمل عبارة بعد استطلاع رأي المجلس ومن ثم فإن ما تمخّض على مداولة المجلس عبارة عن رأي لا يلزم الوالي بالأخذ به ,ولقد أحسن المشرع صنعا عندما اشترط تسبيب القرار من جانب الوالي لما لهذه الضمانة من أثر عميق على المستوى القانوني.
,ذلك أن التسبيب يمكّن الجهة الإدارية أو الجهة القضائية المختصة أو أعضاء المجلس المعني من معرفة الأسباب التي من أجلها أصدر الوالي قرار إيقاف عضو معين,ويستمر الإيقاف إلى غاية صدور قرار نهائي من الجهة القضائية المختصة فإن ثبتت براءة الموقوف عادت له العضوية ثانية بحكم القانون دون الحاجة لإثبات ذلك بموجب مداولة من المجلس أو بموجب قرار من الوالي.
*الإقصاء: تقدم البيان أن الإقصاء إسقاط كلي ونهائي للعضوية لأسباب حددها القانون والإسقاط لا يكون إلا نتيجة فعل خطير يبرر إجراء اللجوء إليه,فعندما تثبت إدانة المنتخب من قبل المحكمة المختصة فلا يتصور احتفاظه بالعضوية ومن ثم وجب أن تسقط عنه ويستخلف عنه ويستخلف بالمترشح الموالي في نفس القائمة واستنادا لما ورد في المادة 33 من قانون البلدية فإن المشرع أوجب إعلان المجلس الشعبي البلدي عن هذا الإقصاء ويثبت فيما بعد بموجب قرار من الوالي.
المطلب الرابع: الرقابة على الأعمال:
لقد رأينا فيما سبق أن مداولات المجلس الشعبي البلدي تخضع لرقابة إدارية ورقابة قضائية,وتتجسد الرقابة الإدارية في رقابة والي الولاية الذي يتمتع بسلطة واسعة سواء في حالة المصادقة الضمنية أو المصادقة الصريحة أو البطلان المطلق أو البطلان النسبي,وهذا طبعا في حدود ما رسمته المواد من 41 إلى 46 من قانون البلدية, فسلطة الوالي تجاه المجلس الشعبي البلدي أوسع منها تجاه المجلس الشعبي الولائي إذ في الحالة الثانية يعتبر الوالي بمثابة جهة إحالة.
المطلب الخامس: الرقابة على الهيئة (المجلس):
وتكون بإنهاء حياتها قانونيا ويتمثل في حلّها وتجريد أعضائها من الصفة التي يحملونها وطبقا للمادة 34 من قانون البلدية يحل المجلس البلدي في الحالات التالية:
1-عندما يصبح المنتخبين أقل من نصف عدد الأعضاء وبعد تطبيق أحكام الاستخلاف:
وهذه الحالة طبيعية كما رأينا فلا يتصور أن يستمر المجلس الشعبي البلدي في عقد جلساته ودوراته وقد فقد نصف أعضاءه كما فقد الأداة القانونية التي بموجبها سيفصل فيما عرض عليه,ولا يكون ذلك إلا بعد اللجوء للقوائم الاحتياطية وبحسب العارض الذي يصيب العضو الممارس (وفاة,إقصاء,استقالة..)فإذا تحقق هذا المانع بادر الوالي إلى إعداد تقريره ويحيله لوزير الداخلية والذي بدوره يعد تقريره ويحيله على مجلس الوزراء لاستصدار مرسوم الحل.(1)
(1): الدكتور: عمار بوضياف/نفس المرجع السابق/ص ص 144..145.
2-في حالة الاستقالة الجماعية: وهنا يمكننا أن نتصور أن يبادر جميع أعضاء المجلس أيا كانت تياراتهم السياسية وانتماءاتهم إلى تقديم طلب يفصحون فيه عن رغبتهم في التخلي عن عضوية المجلس,فإن تم ذلك تعين حل المجلس.
3-في حالة وجود اختلاف خطير بين أعضاء المجلس الشعبي البلدي الذي يحول دون السير العادي لهيئات البلدية: إن الاختلاف بين أعضاء المجلس أمر طبيعي,فلا يتصور أن تتحد رؤيتهم السياسية في كافة المسائل التي تعرض على المجلس,غير أن الاختلاف إذا بلغ درجة من الخطورة والجسامة بحيث يؤدي إلى عرقلة السير الحسن لهيئات البلدية فتعطل مثلا مصلحة من مصالحها تعين في مثل هذه الحالات حل المجلس لأن القول بخلاف ذلك يعني تعطيل مصالح البلدية وهو ما ينعكس سلبا على الجمهور.
والملاحظ أن جميع هذه الحالات المذكورة تماثل الحالات الواردة في قانون الولاية.
4-في حالة ضم بلديات لبعضها أو تجزئتها: وهذه حالة وردت فقط في قانون البلدية ولا نجد لها مثيل في قانون الولاية,وهي أيضا حالة طبيعية لأن عدد البلديات غير ثابت ومستقر,فلأسباب موضوعية قد يعمد المشرع إلى رفع عدد البلديات أو الإنقاص منها ومن ثم قد تضمّ بلدية إلى أخرى وهو ما يعني حل المجلسين معا.فلا يتصور أن تدار شؤون البلدية في حالة الضم مجلس بلدية دون أخرى من البلديتين المعنيتين بالضم, ولا يتصور أيضا أن تدار البلدية الجديدة بمجلسين إذن لا مفر في مثل هذه الحالات من اللجوء للحل وانتخاب مجلس بلدي جديد.
ولقد أحسن المشرع في قانون البلدية حينما عدّد على سبيل الحصر حالات الحل حتى لا يترك أي مجال للاجتهاد والتفسير الواسع للنص, ثم أنه أحسن أيضا حينما فرض اتخاذ مرسوم الحل على مستوى مجلس الوزراء بما له من خطورة كبيرة.(1)
(1): الدكتور: عمار بوضياف/نفس المرجع السابق/ص ص 139..140
الخاتمة :
من خلال ما تم التطرق إليه وتبيان معظم التفاصيل فإنه يستنتج أن البلدية هي وحدة أو جماعة أو هيئة إدارية لامركزية إقليمية ونظامها يعبر عن النظام الإداري الجزائري في صورة وحيدة وفريدة للامركزية الإدارية المطلقة.
حيث أن جميع أعضائها وجميع أعضاء هيئاتها ولجان تسييرها وإدارتها يتم اختيارهم بواسطة الانتخاب العام السري والمباشر وعليه فإن كل ما تحتويه البلدية من أجهزة فإن القانون أعطاها استقلال مالي ومنحها الشخصية المعنوية.
من المادة49 و 50 من القانون المدني تبين ما للشخص المعنوي الاعتباري من حقوق وبالتالي تحمل الالتزامات وهذا كله يصب في شيء واحد ألا وهو الاستقلالية وهذه الأخيرة مشابهة للدولة في نظامها المركزي العام ولكن الفرق يكمن في أن البلدية ذات نظام لامركزي مع وجود رقابة وصائية من الدولة.
قائمة المراجع والمصادر:
1. الدكتور:محمد الصغير بعلي/القانون الإداري.التنظيم الإداري/دار العلوم للنشر والتوزيع/الحجار/عنابة/الجزائر/ط2002.
2. الدكتور: عمار بوضياف/الوجيز في القانون الإداري/مطبعة هومه/دار ريحانة/الجزائر.
3. الدكتور: ناصر لباد/القانون الإداري/التنظيم الإداري/منشورات دحلب/حسين داي/الجزائر.