إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أما بعد: فإن خير العلوم وأشرفها هو علم التوحيد، وأفضل مراتب الجهاد هو الذب عن التوحيد وتصفيته من الشوائب والبدع التي دخلت عليه؛ فكان على دعاة التوحيد بيان الحق في ذلك، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكل موحِّد يعلم من الكتاب والسنة أن أمر هذه الأمة لا يعود إلى سابق عهده من عزة وانتصار إلا بتصفية عقائدهم مما علق بها من البدع والشركيات، وعود الناس إلى فطرة التوحيد التي فطر الله الناس عليها.
ومن هذا المنطلق – أخي المسلم – حرصت على نقل هذه الرسالة حتى نكون على بينة من أمر ديننا العظيم، ونكون من عباد الله المخلصين له في الطاعة والعبادة. كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، أي: لآمرهم أن يعبدوني ويفردوني بالعبادة، وهذا هو التوحيد الذي جاء به جميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، من آدم إلى عهد نبينا محمد .
ولما كان التوحيد هو الجزء الأساسي من عقيدة أهل السنة والجماعة، كان لا بُدَّ من تصوره على التمام، حتى يتحقق مدلوله المشتمل على أنواعه، ويكون اللفظ مطابقًا للمعنى، ولا يكون إلا إذا اشتمل على أمرين: