هدوء الليل مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
عدد الرسائل : 161 العمر : 36 العمل/الترفيه : طالبة نقاط التميز : 41 تاريخ التسجيل : 09/11/2008
| موضوع: سَأقُولُ عَنْ قيس الأحد ديسمبر 21, 2008 7:50 pm | |
| سَأقُولُ عَنْ قيس عَنِ الهَوَى يَسْكُنُ النّارَ. عَنْ شَاعِرٍ صَاغَنِي في هَوَاهُ. عَنِ اللَّوْنِ والإِسّْمِِ والرَائِحَةْ. عَنِ الخَتْمِ والفَاِتحَةْ. كُنْتُ مِثْلَ السَدِيمِ ، اْسَتَوَى فِي يَدَيْهِ. هَدَانِي إِليْهِ. بَرِئْتُ مِنَ النَاسِ لَمَّا بَكانِي إِليْهِمْ زَهَا بِيْ وغَنُّوا الأَغَانِي بأشْعَارِهِ. فَمَا كانَ لِي أَنْ أُقَدّرَ هَلْ أَشْعَلَنِي أَمْ طَفَانِي. سَأقُولُ عَنْ قَيس عَنْ جَنَّةٍ بَينَ عَيْنَيَّ ضَاعَتْ عَنْ هَوَاءٍ أَسْعَفَ الطَيْرَ واسْتَخَفَّ بِنَا واصْطَفَانَا عَنْ كُلّمَا هَمَّ بِيْ تُهْتُ فِيهِ وبَاهَيْتُ كَيْ نَحْتَفِي بالمَزِيجْ عَنِ العِشقِ تَلتَاعُ فِيهِ الحِجازُ ويَشّْغَفُ فِي ضِفَّتَيهِ الخَلِيجْ. سَأقُولُ عَنْ قَيس عَنْ حُزْنِهِ القُرّْمُزِيِّ عَنِ اللَّيلِ يَتْبَعْ خُطَاهُ الوَئِيدَهْ عَنِ الماءِ لَمَّا يَقُولُ القصيدة بَكى لِي البُكاءَ، وهَيأَ لِي هَوْدَجَاً وانْتَحْى يَسْأَلُ الوَحْشَ عَنِي كَأَنِّي بِهِ لا يَرَى فِي القَوافِلِ غَيْرَ الخُيول الشريدة. سَأَقُولُ عَنْ قَيس عَنِ العَامِرِيَّ الذِي أَنْكَرَتْهُ القبيلةُ. عَنْ دَمِهِ المُسْتَبَاحْ. عَنِ السَيْفِ لَمَّا انْتَضْاهُ مِنَ القَلْبِ واجْتازَ بِي أَرْضَ نَجْدٍ لِيَهْزِمَ كُلَّ السِلاحْ. عَنِ اللذَّةِ النادرة عَنِ الوَجْدِ والشَوْقِ والشَهْقَةِ الساهرة عَنِ الخَيْلِ تَصْهَلُ بِي فِي الليالِي والصَّهْدِ يَغْسِلُنِي فِي الصَبَاحْ. و يا قَيسُ يا قَيسُ جَنَّنْتَنِي أَو جُنِنْتَ ، كِلانَا دَمٌ سَاهِرٌ فِي بَقايَا القَصِيْدَةْ. *** إنه لا أحد هُوَ قَيسٌ، وهو مُعاذُ بنُ كُلَيبْ، وهو قَيسُ بنُ مُعاذ العُقَيلِي، وهو البُحْتُري بنُ الجَعْد، وهو الأقْرَعُ بنُ مُعَاذ، وهو المهدي وقِيلَ اسْمُه قَيسُ بنُ الملوَّح مِنْ بَنِي عَامِر. ولما سُئِلتْ عَنْه بُطُونُ بَنِي عَامِرٍ بَطْنَاً بَطْنَاً أنْكَرَتْهُ وقَالتْ (باطِلٌ وهَيْهات)، ثُمَّ قِيلَ إنَّهُ لا أَحَدْ. ذَهَبَ في حَياتِه بِقَلْبٍ مَفْقُودٍ وعَقلٍ مَأْخُوذْ. أخَبَرَنَا الأصفهاني عَنْ أحَدِ الرُاوةِ وكانَ كاذِبَاً فَصَدّقْناه، عَنْ رَجُلٍ يَرَى غَيْبَ النَاسِ قَالَ ?ثَلاثَةٌ لَمْ يَكُونُوا قَطْ ولا عُرِفُوا، ابنُ أبِي العَقِب صَاحِب قَصِيْدة المَلاحِمْ، وإبنُ القِـريَّـةِ، ومَجْنُونُ بَنِي عَامِر. أَمْا نَحْنُ فَقَدْ رَأَيْنا أخْبَارَنا عَنْهُ فِي رُقَعٍ أسْقَطَها الوَرَّاقُون واحْتَفَتْ بِها الأحْلامُ، وكَشَفَتْها لَنَا طَبِيْعَةُ المَحَبّةِ أَكثَرَ مِمَّا كَرَّها الرُواةُ الذينَ أعانُونَا عَلى مَا نُرِيدْ. فَسَمِعْنا مِنْ أَبي بَكْرٍ الوَالِبيِّ الذِي أَحَالَنَا عَلى غَيْرِهْ. ولَذَّ لَنا مَا يَحْلُو مِنَ الأخْذِ عَنْ أبي مَسْكينٍ والشَيْبانيِّ وأَبِي إسْحاقٍ والجَوهَريِّ والرِياشِيِّ وابنُ شَبَّة والمدائِني والمُهَلّبي والأصْمَعِي عن صَاحب الأغَانِي، الذِي أَتَاحَ لِظَنِنَا شَاسِعَ الشَكِّ فَاهْتَبَلْنَاهُ. فَوَََقَعْنا عَلى مَا لاءَمَ مِزاجَنَا. ثُمَّ سَاقَ اللهُ لَنا مَا تَيَسَّرَ مِنْ أصْدَقِ الكَذَبَةِ فِي رُواة عَصْرِنا، فَانْتَخَبْنا مِنْ غِوَايَاتِهِمْ، وتَبَادَلنَا مَعَهُمْ الأنْخَابَ، وزِدْنَا فِي ذَلكَ كَمَا نَهوَى، فَطَابَ لِلمَجْنُونِ ذلكَ واسْتَحْلَيْناهُ.
| |
|
هدوء الليل مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
عدد الرسائل : 161 العمر : 36 العمل/الترفيه : طالبة نقاط التميز : 41 تاريخ التسجيل : 09/11/2008
| موضوع: رد: سَأقُولُ عَنْ قيس الأحد ديسمبر 21, 2008 7:52 pm | |
| عن ليلى سَأقُولُ عَنْ ليلى عَن العَسَل الذِي يَرْتَاحُ فِي غَنَجٍ على الزَنْدِ. عَنِ الرُمَّانَةِ الكَسْلَى. عَنِ الفَتْوَى التِي سَرَّتْ لِيَ التَشْبِيهَ بالقَنْدِ. عَنِ البَدَوِيَةِ العَيْنَينِ والنَارَينِ والخَدِ. لَها عِنْدِي مُغَامَرَةٌ تُؤَجِجُ شَهْوَةَ الشُعَراءِ لَوْ غَنُّوا صَبَا َنجْدٍ مَتَى قَدْ هِضْتَ مِنْ َنجْدِ عَنِ النَوْمِ الشَفِيفِ يَشِي بِنَا. عَنْ وَجْدِنَا ، عَنْها. لِئَلا تَعْرِفَ الصَحْراءُ غَيْرَ العُودِ والرَنْدِ. سَأقُولُ عَنْ ليلى عَنِ القَتْلى. وعَنْ دَمِنا الذِي هَدَرُوا. عَنِ الوَحْشِ الصَدِيْقِ. وفِتْنَةِ العُشاقِ واللَّيلِ الذِي يَسْعى لَهُ السَهَرُ. عَنِ الطِفلَينِ يَلْتَقِيانِ فِي خَفَرٍ ولَمّْا يُزْهِر التُفاحُ يَخْتَلِجانِ بِالمِيزانِ حَتْى يَخْجَلُ الخَفَرُ. لِليْلى شَهْقَةٌ أَحْلى إِذا ما لَذّةٌ تَاهَتْ بِنا وَتَناهَبَتْ أَعْضَاءَنا النِيرانُ. مُتْنا أَو حَيِينا. أو يَقولُ الناسُ أخْطَأنا. سَتَبْكِي حَسْرَةٌ فِينا إذا غَفَرُوا. سَأقُولُ عَنْ لَيلى عَنِ المُسَافِرِ عِنْدَمَا يَبْكِي طَوِيْلا عَنِ السِحْرِ اللَّذِيْذِ إِذا تجَلّى فِي كَلامِ عُيُونِها عَنْ نِعْمَةٍ تُفْضِي لأنْ أقْضِي رَحِيلا عَنْ مَراياها مُوَزّعَةً تُخَالِجُ شَهْوَةَ الفِتْيانِ عَنْ مِيزَانِها مَشْبُوقَةً. عَنْ عَدْلِهَا فِي الظُلْمِ. عَنْ سَفَرِي مَعَ الهَذَيَانِ. عَنْ جِنِيةٍ فِي الأِنْسِ تَنْـتَخِبُ القَتِيلا لَيْلايَ لَوْ يَدُهَا عَليَّ ولَوْ يَدِي مَنْذُورَةٌ تَهَبُ الرَسُوْلا سَأقُولُ عَنْها مَا يُقالُ عَنِ الجُنُونِ إذا جُنِنْتُ ولِي عُذْرٌ إذا بالَغْتُ فِي مَوْتِي قَلِيلا. *** البرق الأول الصَحْيِحُ الذِي هُو شَكٌ خالِصٌ، أنَّ قَيسَاً ولَيلى عَامِرِيانِ، الْتَقَيَا صَغِيرينِ يَرْعَيَانِ في نَجْدِ الجَزِيْرَةِ، بِوادِيَيْنِ يَتَّصِلانِ بَكثِيفِ النَخْلِ مِنْ جَانِبٍ، ووَعْرِ القَفْرِ مِنْ جَانِبْ. هُو كَثِيرُ الشُرُودِ، بَاكِرُ الحُزْنِ، مَيّالٌ لِلّعُزْلَةِ، يَأنَسُ لِرِفْقَةِ البَهْم فِي المَرَاعِي، و يَرْجُزُ فِي قَطِيعِهِ مَوَاجِدَ حَسِبَها النَاسُ كَلامَاً حَفَظَتْهُ سَلِيْقَةُ الصَبِيِّ مِنْ مَسَارِ الرُعَاةِ، ولمْ يَصِحْ لَهُ أَنْ يَزَعَمَ شِعْراً فِي ذلِكَ العُمْرِ لِئَلا يُكَذِّبُوه. وهِي كَثِيرَةُ الأَحْلامِ، غَزِيْرَةُ الخَيْالِ، غَرِيْبَةُ الأَطْوَارِ، رَوَتْ قَرِينَاتٌ لَهَا أَنَّهَا مِنَ الجِنِّ إِلا قَلِيلاً ومِنَ الإِنْسِ بِمقْدارْ، اتَّصَلَتْ بِإبْنِ عَمِّها وبِشَاعِرِيَتِهِ الباكِرَةِ، رَافَقَتْهُ فِي الوادِيَينِ حَيْثُ كانَتْ قَرِينَاً لَهُ فِي اللَّهْوِ البَرِيْء، فيما كان يَشِبُّ ويُشْعِلُ الشِعْرَ بِها. فأُخِذَتْ بِهِ وصَارَتْ تَلِـزُّ بِبَطْنِ الوَادِي، لِيَتَقَابَلا فِي غَدِيرٍ، تَلتَقِي عِنْدَهُ غَنَمُهَما، هُوَ مَعَ إخْوَتِهِ، وهِي فِي قَرِيناتٍ يَتْبَعْنَ القَطِيعَ فَأْتَلَفا. واْزَْدَهَرَ بَيْنَهُما وَلَعٌ، مِثْلَمَا تَلْتَهِبُ الحُمْرَةُ فِي وَرْدَةِ القَلْبِ، وَصَارَ الشِعْرُ مَوْقِدَ المَحَبَّة. ويُرْوى أَنَّ قَيسَاً حَكى فَقَالَ (عِنْدَ غَدِيرِ الوادِيَينِ نُورِدُ الغَنَمَ ونَتَزاحَمُ عَلى المَوْرِدِ بمَرَحٍ صَاخِبٍ، كُلٌ يَأخُذُ بِالماءِ يَرُشُّهُ عَلى الآَخَرِ، فَنَتَدَافَعُ وتَضْطَرِبُ أَجْسَادُنا الغَضَّةُ، فَصَادَفَ أَنْ قَارَبْتُها فَتَلامَسْنا، ومسَّ كَتِفِي صَدْرَها، ولَمْ يَكُنْ بَعْدُ قَدْ أكْعَبَ ولا اسْتَنْهَدَ ولا اسْتَدارْ، لَكِنَّنِي شَعَرْتُ سَاعَتَها بِخَيْطٍ رَهِيفٍ مِنَ البَرْقِ يَجْتَاحُ أَعْضَائِي ورَأيْتُها تَخْتَلِجُ و يَتَصَاعَدُ مِنْها شِبْهُ نَحْيِبٍٍ كَمَنْ مَسَّهُ الهَلَعُ، فَعَرَفْتُ أَنَّها سَمِعَتْ مِنْ رُوحِيَ شِعراً لَمْ يَجْرِ عَلى لِسَانِي بَعْدُ فَرَكضَ كُلٌ مِنْا صَوْبَ غَنَمِهِ يَهُشُها عَائِداً إِلى مَضَارِبِهِ، ولَمْ أَرَهَا بَعْدَ ذلكَ زَمَنَاً حَسِبْتُ فِيهِ أنَّني لَنْ أَرَاها أَبَدَاً، وَكُنْتُ مِنَ الحُلْمِ قَرِيْبا).
| |
|
هدوء الليل مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
عدد الرسائل : 161 العمر : 36 العمل/الترفيه : طالبة نقاط التميز : 41 تاريخ التسجيل : 09/11/2008
| موضوع: رد: سَأقُولُ عَنْ قيس الأحد ديسمبر 21, 2008 7:53 pm | |
| لم يكونا في مكان خَالَطَ الشَّكُ سِيْرةَ المَجْنُونِ، لِيَخْتَلِفَ الرُواةُ فِي شِعْرِه، فَرَدَّهُ بَعْضُُهْم إلى شَاعِرٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّة، عَشِقَ زَوْجَةَ أَحَدِ الوِلاةِ وخَشِيَ أَنْ يَشِيعَ خَبَرُهُما، فَأطْلَقَ النَصَّ عَلى إسْمَينِ لَمْ يَكُونَا فِي مَكانٍ، تَناقَلَهُ النَاسُ عَنْ لَيْلى ومَجنُونِها، وزادُوا فِيهِ مِنَ الكَذِبِ مَا يُضَاهِي الصِدْقَ فَصَدَّقْنَاهُ. وقَالَ أَمِينُ صَاحِبُ الحُجْرَةِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ ولا وَثِيْقَةٍ عَنْ شَخْصٍ يُدْعَى رَضْوانُ الجِنِّ، قَالَ إنّ قَيسَاً حَقِيْقَةٌ ولَكِنْ شِعْرَه مَوْضُوعٌ، وإنَّه يَعْرِفُُ خَطَاطَاً اسمُهُ جَمَالُ اللَيلِ الوَرَّاق اشْتَغَلَ عَلى نَسْخِ ذلكَ الشِعرْ، وقَدْ صَنَعَه شَاعِرٌ عَشِقَ فَتَاةً مِنْ بَدْوِ الجَزِيرةِ بَينَ نَجْدٍ والطائِفْ، تَزَوَجَتْ سِواهُ عَلى كُرْهٍ، فَذَهَبَ الشَاعِرُ إلى أَنْ يُشْعِلَ النَارَ فِي القَبَائِل، فَانْطَلَقَ فِي هَواءِ الجَزِيرَةِ خَالِقَاً النَصَّ والخَبَرَ، وقَالَ كُلَّ شيء عَنْ المَجْنُون الَذِي لا حَرَجَ عَلَيِه ولا لَوْمْ. فَطابَ لِكُلِ ذِي رِيْشَةٍ أو قَلَمٍ أَنْ يَفْعَلَ ما لَـذّ لَهُ مِنَ الجُنُون، لِئَلا يُقَالَ أَنَّ ثَمَّةَ زَمَان شَغَرَ مِنْ أصْحَابِ العِشْقِ والَّلوْعَةِ. فَانْهَالَ مَجْنُونُ اللَّونِ عَلى مَجْنُونِ الشِعْرِ بالنِيرَانِ مِنْ كُلِّ جانِبٍ، وبُعِثَتْ الحَرارَةُ فِي ذاكِرةٍٍ مَشْبُوبَةٍ، مِثْلَما تَهُبُّ الرِيْحُ فِي شَهْواتِ الجَمْرِ. *** الأشياء غَابَتْ عَنْهُ وهُو فِي انْتِظَارٍ، يَجْلِسُ فِي غُرْفَةِ الطَرِيقِ. أَشْياؤُهُ مَنْثُوْرَةٌ لِلنِّسْيَانِ والتَذَكُّر، والنَاسُ يَعْبُرُونَ مِثْلَ الأثَيِر. ومِنْ نَوافِذِ أَجْسَامِهمْ، يََرى إِليها تَرْكُضُ إِليهِ ولا تَصِلْ، يَركُضُ إِليها ولا يَصِلْ، والنَاسُ يَعْبُرُونَ عَلى أشْيائِه المَنْثُوْرَة (رِيْشَةُ قَطَا مُسْتَدِقَّةُ الرَأْسِ /خَيْطُ حَرِيْرٍ أَخْضَرُ عَقَدَتْهُ أُمُهُ فِي زَنْدِ طُفُولَتِهِ / خَاتَمُ عُرْسٍ مَنْحُوْلٍ مِنْ فَرْطِ الخَلْعِ / حِجَابٌ فِي جِلْدَةِ ضَبْعِ / عُوْدُ سِواكٍ يابِسٍ/ كِسْرَةُ ياقُوتٍ مَعْرُوقٍ بالفَحْمِ / خُرْجٌ ثَقَبَتْهُ الرِيحُ / أشْلاءُ لِجَامٍ تَنْضَحُ مِنْهُ رِيحُ الخَيلِ / وَحْشَةٌ) يَلْتَقِطُونَ مَا يُصَادِفُ أَقَدامَهُمْ. نِسْوةٌ يَجْلِسْنَ إِليِه يَسْتَنْشِدْنَهُ شِعْراً، يَسْأَلُهنَ عَنْ لَيلى. فَيُخْبِرْنَهُ أنْها فِيْهِنَّ وتَتَخَفّى لِئَلا تَفْضَحَها القَبِيْلَةُ. فَيَقُولُ إِنَّها وهِي مَحْجُوبَةٌ تَتَراءى لَهُ أَوْضَحَ مِمَّا لَو كانَتْ مَكْشُوفَةً. فَيَستَنْشِدْنَهُ فَيَرفَعُ صَوتَه لَعَلَها تَرَاهُ. وكانَتْ هُناكَ وهِيَ تَسْمَعُ، يَقُولُ شِعراً يَفُتُّ الجَلامِيْدَ، والنِسْوَةُ يُطْلِقْنَ التَنَهُداتِ وهِي تَسْمَعُ، يَتَفَجَّعُ لَهُنّ بِالفَلذاتِ، وهُنّ يَسْتَزِدْنَ وهِي تَسْمَع . الناسُ يَمُرُونَ بِنَوافِذِ أجْسَامِهم الواسِعَة، يَأخُذُونَ أَشْيَاءَهُ المنْثُوْرَة ( فَصُ فَيرُوزٍ شَائِخ/ حُقٌّ بِثُمَالَةِ العَنْبَرِ / كُوفِيَّةُ طِفْلٍ هَلْهَلَها الرَمْلُ / خُصْلةُ شَعْرٍ غَامِضَةٍ / مَا يَرْجِعُ فِي السَّرْجِ مِنَ الحَرْبِ / قَلَقٌ ) ويَعْبُرُونَ، والنِسْوَةُ يَتَطايَرْنَ فِتْنَةً وإعْجَابَاً. يَقُولُ شِعْراً فَيَتَضَاحَكنَ، و يَبْكي، وهِي تَسْمَع. فَأدْرَكَتْ النِسْوَةُ أَنَّ الأَمْرَ َتَجَاوَزَ طَاقَةَ الشَّخْصِ، وكَادَ يَتْلَفُ مِنْ صَمْتِ المحْبُوبْ. النَاسُ يَعْبُرُونَ وأشْيَاؤُه المنْثُورةُ ( غِمْدٌ فَارِغٌ / آثَارُ دَمٍ فِي خِرقَةٍ / رِتَاجٌ مَكْسُورٌ/ جُزْء (عَـمَّ يَتَسَائَلُونَ فِي صُفْرَةِ الوَرَقْ/ تَعْوِيْذَةُ إِلْفٍ /سِقَاءٌ مُتَقَلِّصٌ / مِخْلَبُ نِسْرٍ / عِرْقُ لُبَانٍ / قِطْعَةُ لَحْمٍ مَقْدُود ) تَكَادُ أَنْ تَنْفدَ، وهِي تَسْمَعُُ. فَقُلْنَ لَه (يا قيس، لَقَدْ ظَلَمَكَ الحَبِيبُ بِلا رَأفَة، وَحَقُكَ أَنْ تُسَيِّبَه لَعَلَهُ لايَسْتَحِقُ). فَصَرُخُ بِهِنّ : (لا والله، كُلُّ خَشْيَتِي أَنَّنِي لَمْ أَكُنْ جَدِيراً، فَحَقُهَا عَليَّ أَنْ أُبَاهِي بِأَنِيَ الخَيْطُ المُنْسَّلُ فِي ذَيلِ وِشَاحِها، وأَقْبَلُ إِذا هِي قَبِلَتْ. فَإذا ِبنَشِيجٍ يَصْدُرُ مِنْ جِهَةٍ تَشِفُّ عَنْ رُوْحٍ أَدْرََكَها بُكاءٌ لَمْ تَقْدِرْ عَلى صَدِّهْ، فَالْتَفَتَتْ النِسْوَةُ يَنْظُرَْنَ مَصْدَرَ النَشِيجِ، فَأَشْرَقَتْ شَمْسٌ صَغِيرَةٌ مِنْ مَطْرَحِها وغَابَتْ كَأنَّها تَدْخُلُ إلى خِباءٍ، وتَرَاءى لَهُنَّ أَنَّ لَيلى طَافَتْ وأَخَذَتْ مَا تَبَقَّى مِنْ أشْيَائِهِ المنْثُورَة (ثَالِثَةُ أَثَافٍ مَحْرُوقَة /غُصْنُ أَرَاك / صُوفَةٌ مِنْ وَبَرِ الإبلِ / نوَاةُ تَمْرٍ مَثْقُوبَة بِشَعرَةِ الخَيْلِ/ خُفٌ حائِلُ اللْونِ/ نَوْمٌ قَلِيلٌ/ قَوْسُ قُزَحٍ شَاحِب) وقَيسٌ مَشْدُودٌ، يَكادُ يَخِفُّ إِليْهَا مِنْ مَكانِهِ، اِنْجِذابَاً وهِي تَذْهَبُُ عَنْهُ ذَهَابَ القَمِيصِ مَسْلُوْلاً مِنَ الجَسَدِ. فَأَدْرَكتْ قَيْسَاً رَعْشَةُ رِيحٍ بَارِدَةٍ مَسَّتْ صَدْرَهُ المَكْشُوف بَعْدَ اِنْسِلالِ القَمِيصْ. جَالِسٌ فِي غُرفَةِ الطَرِيقِ، يَسْقِي النِسْوَةَ شِعراً، ويَبكِي عَطَشَاً، وهُنَّ يَتَضَاحَكنَ مِمَّا يُثِيرُهُ الحُبُ فِي كَيَانِهِنَّ الذِي مِنْ مَاءٍ لا تُطْفِئهُ النِيران، يَتَضاحَكْنَ وهُو يَبْكِي. وشَمْسُهُ الصَغِيرَةُ تَذْهَب. ** قندة الجسد يُقالُ لِقَيس إنَّ البَادِيَةَ كُلَّها أَضْحَتْ تَعْرِفُ عِشقَكَ لِليلى، وهذا يَكْفِي، فَيَقُولُ (لكنَّ لَيلى لا تَعْرِف) ويُقالُ لَه إنَّ نَاسَ البَدْوِ والحَضَرِ كُلهُم، يَتَناقَلُونَ حُبَ لَيلى لَك، وهذا يَكْفِي، فَيقولُ (لكِنَّ قَيسٌ لا يَعْرِف). قَالَتْ لَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ : إِنَّ الذي لَكَ عِنْدِي أكْثَرُ مِنَ الذي لِيَ عِنْدَكْ. وأُعْطِي اللهَ عَهْدَاً مَا جَالَسْتُ بَعْدَ يَوْمِيَ هَذا رَجُلاً سِواكَ حَتْى أَذُوقَ المَوْتَ، إِلا أَنْ أَُكْرَهَ عَلى ذلِكْ). فَسَمِعَتْ مِنْهُ وبَكَتْ مَعَه ُوهِيَ تَضَعُ بَنانَها فِي زَعْفَرَانَةِ شَعْرِهِ، حَتْى كَادَ الصُبْحُ أَنْ يُسفِر، فَتَنَبَّهَتْ لِنَفْسِها فَإذا هِي سَجِينَة زَنْدِهِ القَوِيَة مِنْ غَيْرِِ عُنْف الصَارِمَة بِغَيْرِ غِلْظَةْ، تَتَمَرّغُ فِي صَدْرِهِ الفَارِهِ، مَحْلُولَةَ الشَعرِ، فَارِطَةً مِنْ كُلِّ قَمِيصٍ، وهو يَمْنَحُها ما مُنِعَتْ عَنْهُ، وما جاءَتْ إِلَيْهِ وما لَمْ تَعْرِفُهُ مِنْ قَبْلْ. وعِنْدَما أَدْرَكَها الوَقْتُ، شَبّتْ مِثْلَ شُعْلَةِ اللَّهَبِ نَاهِضَةً، تَشُدُّ أَرْدِيَتَهَا وهُوَ يَبْحَثُ لَها عَنْ دُرَّاعَتِها وأَوْشِحَتِها ويَعْقدُ مَعَها الدِكَّةَ والزُنّارَ، وهِيَ تَلُمُّ نُثَارَها الذِي غَطّى البُسُطَ ومَنَحَ الخِبَاءَ أَلوانَ اللَّيلِ والنْهَارْ، ثُمَّ وَدَّعَتْهُ وانْصَرَفَتْ. وكَانَ هَذا أَولَ عَهْدِهِ بِالجُنُونِ الذي يُوْرِثُهُ اسْتِذْواقُ قَنْدَةِ الجَسَدْ .
| |
|