ومن حقوق الزوج قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «حق الرجل على المرآة إنارة السراج وإصلاح الطعام وان تستقبله عند باب بيتها فترحّب به وان تقدّم إليه ألطشت والمنديل وان توضّئه وان لا تمنعه نفسها إلاّ من علّة» (1).
ولأهمية مراعاة هذا الحق قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لا تؤدي المرآة حق الله عزّ وجل حتى تؤدي حق زوجها» (2).
ووضع المنهج الإسلامي حقوقاً للزوجة يجب على الزوج مراعاتها ، قال الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام جواباً على سؤال إسحاق بن عمار عن حق المرآة على زوجها فقال عليه السلام : «يشبع بطنها ويكسو جثتها وإن جهلت غفر لها»(3).
وأجاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على سؤال جولة بنت الأسود حول حق المرآة فقال : «حقك عليه أن يطعمك ممّا يأكل ويكسوك مما يلبس ولا يلطم ولا يصيح في وجهك» (4).
ومن حقها مداراة الزوج لها وحسن صحبته لها ، قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لمحمد بن الحنفية : «إنّ المرآة ريحانة وليست بقهرمانة ، فدارها على كلِّ حال وأحسن الصحبة لها فيصفو عيشك» (5).
ومن حقّ الزوجة وباقي أفراد العائلة هو إشباع حاجاتهم المادية ، قال
____________
(1) مكارم الأخلاق 215 .
(2) مكارم الأخلاق 215 .
(3) من لا يحضره الفقيه 3 : 279 | 2 باب حق المرآة على الزوج .
(4) مكارم الأخلاق 218 .
(5) مكارم الأخلاق 218 .
--------------------------------------------------------------------------------
( 17 )
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «الكادح على عياله كالمجاهد في سبيل الله» (1).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «ملعون ملعون من يضيع من يعول» (2).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «حقُّ المرآة على زوجها أن يسدَّ جوعتها وأنْ يستر عورتها ولا يقبّح لها وجهاً فإذا فعل ذلك فقد أدّى والله حقها» (3).
والالتزام بحقوق الزوج من قبل الزوجة وبحقوق الزوجة من قبل الزوج ضروري لإشاعة الاستقرار في أجواء الأسرة ، فيكون التفاعل ايجابياً ويدفع كلا الزوجين للعمل من أجل سعادة الأسرة وسعادة الأطفال ، واستقرار المرآة في مرحلة الحمل والرضاعة ومرحلة الطفولة المبكرة يؤثر في استقرار الطفل واطمئنانه ، والانطلاق في الحركة على ضوء ما مرسوم له من نصائح وإرشادات وتوجيهات فينشأ مستقر الشخصية سوّي في أفكاره وعواطفه وسلوكه .
رابعاً : تجنب إثارة المشاكل والخلافات
المشاكل والخلافات في داخل الأسرة تخلق أجواءً متوترة ومتشنجة تهدد استقرارها وتماسكها ، وقد تؤدي في أغلب الأحيان إلى انفصام العلاقة الزوجية وتهديم الأسرة ، وهي عامل قلق لجميع أفراد الأسرة بما فيها الأطفال ، حيثُ تؤدي الخلافات والأوضاع المتشنجة بين الوالدين إلى خلل في الثبات والتوازن العاطفي للطفل في جميع المراحل التي
____________
(1) عدة الداعي ، لأحمد بن فهد الحلّي : 72 ـ مكتبة الوجداني قم .
(2) عدة الداعي ، لأحمد بن فهد الحلّي : 72 ـ مكتبة الوجداني قم .
(3) عدة الداعي ، لأحمد بن فهد الحلّي : 81 ـ مكتبة الوجداني قم .
--------------------------------------------------------------------------------
( 18 )
يعيشها ، بدءاً بالأشهر الأولى من الحمل ، والسنين الأولى من الولادة والمراحل اللاحقة بها .
والأجواء المتوترة تترك آثارها على شخصية الطفل المستقبلية ، و (إنّ الاضطرابات السلوكية والإمراض النفسية التي تصيب الطفل في حداثته والرجل في مستقبله ، تكون نتيجة المعاملة الخاطئة للأبوين كالاحتكاكات الزوجية التي تخلق الجو العائلي المتوتر الذي يسلب الطفل الأمن النفسي) (1).
ويقول العالم جيرارد فوجان : (وإلام التي لا تجد التقدير الكافي إنسان وأم وزوجة في المنزل لا تستطيع إن تعطي الشعور بالأمن) (2).
فالشعور بالأمن والاستقرار من أهم العوامل في بناء شخصية الطفل بناءً سوياً متزناً ، وهذا الشعور ينتفي في حالة استمرار الخلافات والعلاقات المتشنجة ، والطفل في حالة مثل هذه يكون متردداً حيراناً لا يدري ماذا يفعل ، فهو لا يستطيع إيقاف النزاع والخصام وخصوصاً إذا كان مصحوباً بالشدة ، ولا يستطيع إن يقف مع أحد والديه دون الآخر ، إضافة إلى محاولات كلّ من الوالدين بتقريب الطفل تليهما بإثبات حقّه واتهام المقابل بإثارة المشاكل والخلافات ، وكل ذلك يترك بسماته الداكنة على قلب الطفل وعقله وإرادته .
يقول الدكتور سپوق : (إنّ العيادات النفسية تشهد آلاف الحالات من
____________
(1) أضواء على النفس البشرية ، للدكتور الذين عباس عمارة : 302 ـ دار الثقافة بيروت ـ 1407هـ ط1.
(2) أضواء على النفس البشرية ، للدكتور الذين عباس عمارة : 302 ـ دار الثقافة بيروت ـ 1407هـ ط1.
--------------------------------------------------------------------------------
( 19 )
الأبناء الذين نشلوا وسط ظروف عائلية مليئة بالخلاف الشديد ، إن هؤلاء الأبناء يشعرون في الكبر بأنهم ليسوا كبقية البشر ، وتنعدم فيهم الثقة بالنفس ، فيخافون من إقامة علاقات عاطفية سليمة ويتذكرون إن معنى تكوين أسرة هو الوجود في بيت يختلفون فيه مع طرف آخر ويتبادلون معه الإهانات) (1) ويختلف نوع التشنجات والخلافات من أُسرة ا أخرى ، ويختلف أسلوب التعبير عن التشنجات من أسرة إلى أخرى ، فقد يكون التعبير بالألفاظ الخشنة البذيئة والإهانات المستمرة ، وقد يكون بالضرب واستخدام العقاب ألبدني ، ويلتقط الأطفال الممارسات التي تحدث إثناء الخلافات فتنعكس على سلوكهم الآني والمستقبلي ، فنجد في كثير من الغوائل أن الابن يهين ألام أو يضربها ، أو يستخدم نفس الأسلوب مع زوجته حين الكبر .
ومن أجل الوقاية من الخلافات والتشنجات بين الزوجين ، أو التقليل من تأثيراتها النفسية والعاطفية أو تحجيمها وإنهائها ، فقد وضع الإسلام منهجاً متكاملاً إزاء الخلافات والتشنجات ، وقد مرّ في النقاط السابقة التأكيد على تعميق المودّة والرحمة داخل الأسرة ، ووضع برنامج للحقوق والواجبات بين الزوجين ، والاَهم من ذلك وضع برنامجٍ في أسلوب اختيار الزوج أو الزوجة كما سيأتي . والمنهج الإسلامي يبتني على أسلوب الحس والتشجيع على الوقاية من حدوث الخلافات أو معالجة مقدماتها أو معالجتها بعد الحدوث ، وعلى أسلوب الردع والذم للممارسات الخلافية أو التي تؤدّي إلى الخلافات .
____________
(1) مشاكل الآباء في تربية الأبناء : 45 .
--------------------------------------------------------------------------------
( 20 )
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «خير الرجال من أُمتي الذين لا يتطاولون على أهليهم ويحنّون عليهم ولا يظلمونهم» (1).
وشجّع الإمام محمد الباقر عليه السلام على تحمّل الإساءة ، لان ردّ الإساءة بالإساءة يوسّع دائرة الخلافات والتشنجات ، فقال عليه السلام : «من احتمل من امرأته ولو كلمة واحدة أعتق الله رقبته من النار وأوجب له الجنّة» وشجّع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرجل على الصبر على سوء أخلاق الزوجة فقال : «من صبر على سوء خلق امرأته أعطاه الله من الأجر ما أعطى أيوب على بلائه» (3).
والصبر على الإساءة من الزوجة أمر غير متعارف عليه لولا انّه من توجيهات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فيكون محبوباً ومرغوباً من قبل الزوج المتديّن وليس فيه أي إهانة لكرامته فيصبر عن رضا وقناعة .