وتعد تنمية القراءة لدى الأطفال السبيل الأمثل لتربية التذوق اللغوي، على أن القراءة ليست قراءة اللغة القومية أو لغة أجنبية، بل هي أوسع من ذلك بكثير، فثمة قراءة معرض، أو قراءة شريط سينمائي، أو قراءة لوحة، أو قراءة معزوفة، أو قراءة لغة علم ما، كلغة حيوان ما، أو لغة الحاسوب..الخ؛ على أن تنمية القراءة تبدأ من اللغة القومية المكتوبة، ثم تنمى المهارات الأخرى بعد ذلك. ولعل مهمات تنمية القراءة من أخطر مسؤوليات البناء الثقافي للأطفال، وينقل كتاب «تسريع القراءة وتنمية الاستيعاب»([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) آخر الخبرات العالمية والعربية في هذا الميدان، لأنه البحث الوحيد، وهو معد ومؤلف في آن واحد، باللغة العربية الذي يثير إشكالية اللغة في عصر المعلومات. ولم يكن غريباً أن يضع أحد الباحثين مجلداً فاقت صفحاته الألف والمائة، سماه «فن التدريس للتربية اللغوية وانطباعاتها الملكية وأنماطها العملية»؛ ويكاد يكون هذا المجلد شاملاً لجوانب التربية اللغوية، في إطارها المعجمي، مما يغفل جوانب الإشكاليات اللغوية في المستويات الأخرى. أما الملاحظة الثانية فهي استغراقه في نصوص مدرسية، بينما كان الأثرى أن يعالج بحثه المستفيض الكبير والرائد من خلال نصوص أدبية معتبرة([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]). إن هذا يقودنا إلى الإجابة على إشكاليات اللغة انطلاقاً من مستواها الحقيقي أو المعجمي، والمجازي أو الاستعاري، وأذكر إلماحات عجلى عن المستويات الأخرى:
2ـ1ـ المستوى الاصطلاحي:
تطرح اللغة، في ظل التطور العلمي الهائل، لغة اصطلاحية خاصة بكل علم، ويتطلب تعامل الطفل معها وضع موسوعات ودوائر معارف للأطفال من جهة، واللجوء إلى تبسيط العلوم من جهة أخرى، مثلما يستدعي عملاً تربوياً بمشاركة الطفل نفسه على تنمية القراءة في مجالات المعارف، لأن لغتها اصطلاحية غالباً.
2ـ2ـ القاموس الخاص للطفل:
تنطوي المطالبة بوضع القاموس الخاص للطفل العربي على إيمان كبير بأهمية البعد التربوي للكتابة الموجهة للأطفال. ومن أسف، أن الدراسات المتعلقة بهذه المطالبة ما تزال غير ناجزة، مما يسبب خللاً في مخاطبة الطفل العربي، ويورث إشكالية تنعكس سلباً على الكتابة للطفل، وعلى تلقي الطفل لهذه الكتابة. وغني عن القول، إن هذه الحال تغري بالكتابة للطفل استسهالاً لا ينفع في إنتاج أدب أطفال جيد.
2ـ3ـ القاموس الخاص للكاتب:
غالباً ما يؤثر كتاب الأطفال، ممن يصدرون عن تجربة ونظرية في مخاطبة الأطفال، استعمال لغتهم الأدبية بمفرداتها وتراكيبها وظلالها الخاصة، طريقة في الصوغ، أو ترميزاً دالاً، أو إحالة لمعادل ما، ومن أمثلة هؤلاء الأدباء بالعربية سليمان العيسى الذي يرى في هذا الاستعمال وظيفة تعليمية للغة، هي من واجبات كتّاب الأطفال. ويغذي هذا الاتجاه تسلح هؤلاء الكتّاب بنظرية مفادها أن على الطفل أن يحفظ ما استطاع، أما المعنى فيحصل عليه الطفل في مراحل عمرية لاحقة. غير أن لمثل هذا الاستعمال محاذيره عندما يوغل القاموس الخاص للكاتب في فيض التأويل الذي يستعصي على مدارك الطفل ومخزونه اللغوي.
2ـ4ـ لغة الجنس الأدبي:
للجنس الأدبي، قصة أو قصيدة أو أغنية أو مسرحية أو مقالة.. الخ، لغته، بل إن للجنس الأدبي القصي أشكاله المتعددة القديمة كالحكاية والمقامة والمثل والطرفة والليلة والنادرة، والحديثة كالأقصوصة والرواية والقصة المتوسطة؛ ففي القصة نتحدث عن السرد وخصائصه وتراكيبه وبنائه ومنظوراته، على أن هذه اللغة الفنية الخاصة بهذا الجنس الأدبي أو ذاك تورث إشكاليات قائمة في تلقي الجنس الأدبي، ومن المفيد التعرف على لغة الجنس الأدبي للإحاطة بها، والمخاطبة الأمثل من خلالها.
2ـ5ـ لغة الوسيط:
من المعروف أن وسائط ثقافة الأطفال هي الوسائط التي ننقل من خلالها أدب الأطفال إلى جمهوره، ولكل وسيط لغته أيضاً، في الكتاب والصحيفة والمسرح والتلفزة والإذاعة..إلخ وتنجم إشكاليات متجددة باستعمال لغة الوسائط التي تشكل وسائل اتصال تقنية متطورة مثل التلفزة والإذاعة والسينما.
إن الوسائط تعتمد على أدب الأطفال، أي على الكتابة الموجهة للأطفال، وعلى المعنيين بإنتاج أدب الأطفال أو إعادة إنتاجه أن يطوروا لغة هذه الوسائط، توصيفاً واستهدافاً وتوظيفاً.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([1]) سالم، محمد عدنان (وأنس الرفاعي): «تسريع القراءة وتنمية الاستيعاب»، دار الفكر بدمشق، دار الفكر المعاصر ببيروت،1996.