منتديات سكيكدة (منتدى سكيكدة الأول )
[table style="WIDTH: 262px; HEIGHT: 139px" border=1 align=center]

[tr]
[td]
[/td][/tr][/table]للتسجيل أو الدخول يرجى الضغط على أدناه
يسرنــــــا أن تكون عضوا في بيتنا
منتديات سكيكدة (منتدى سكيكدة الأول )
[table style="WIDTH: 262px; HEIGHT: 139px" border=1 align=center]

[tr]
[td]
[/td][/tr][/table]للتسجيل أو الدخول يرجى الضغط على أدناه
يسرنــــــا أن تكون عضوا في بيتنا
منتديات سكيكدة (منتدى سكيكدة الأول )
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.




 
الرئيسيةالبوابـــةأحدث الصورالتسجيلدخول

توفيت والدة صاحب المنتدى نرجو  من جميع الزوار و الأعضاء الدعاء لها بالرحمة و المغفرة "" اللهم اغفر لها و ارحمها ""


 

 أدب الأطفال وثقافتهم قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هدوء الليل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
هدوء الليل


انثى
عدد الرسائل : 161
العمر : 36
العمل/الترفيه : طالبة
نقاط التميز : 41
تاريخ التسجيل : 09/11/2008

أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Empty
مُساهمةموضوع: أدب الأطفال وثقافتهم قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل   أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Emptyالأربعاء ديسمبر 10, 2008 8:16 pm



الفصل الأول


نحو أدب مُوَحِّد

لابدَّ، بادئ ذي بدء، من الإشارة إلى أنني أستعمل عبارة (الأدب الموحَّد) بمعنى النصوص الأدبية الفنية التي تُسهم في بناء الشخصية القومية للطفل العربي. وقد اشترطتُ أن تنطلق معالجة الموضوع من النصوص الفنية لأُبعد الحديث عن تحليل الجانب الفني في أدب الأطفال، وهو جانب مهمّ ولكنني لستُ معنياً به هنا، لأنني مؤمن بأن توافر المستوى الفني يسبق أي تحليل لمحتوى أدب الأطفال. بل إن معالجة موضوع الشخصية القومية للطفل العربي لا معنى لها إذا لم تنطلق من نصوص أدبية قادرة على التأثير في الطفل وإقناعه وإمتاعه. كما أنني انطلقتُ من أن (الأدب الموحِّد) رافد من روافد الشخصية القومية للطفل العربي، أو مكوِّن من مكوِّناتها.
ذلك لأنني مؤمن بوجود روافد أخرى، كالتربية ووسائل الإعلام والنوادي والمراكز الثقافية وغيرها. وهذه كلها تُسهم في بناء الشخصية القومية إذا أُحسن توجيهها والإشراف على علاقة الطفل العربي بها. وعلى الرغم من ذلك فإنني أرنو إلى أن ألفت نظر الباحثين إلى أهمية منظومة القيم في بناء الشخصية القومية للطفل العربي، وأن أقترح تعديلاً لمنظومة القيم العربية الإسلامية تستطيع الروافد كلّها الاهتداء به، لأنه شامل وليس خاصاً بأدب الأطفال. وقد آثرتُ استعمال المصدر (نحو) في العنوان لأُبقي المنظومة المقترحة قابلة للمناقشة والإضافة والتعديل، ولأنني أعتقد - من الناحية المنهجية- أن تصوُّراً من هذا النوع القومي لابدَّ من أن ينطلق من الخطة الشاملة للثقافة العربية.

1- أدب الأطفال والقيم:

نما أدب الأطفال العربي نموّاً واضحاً بين السبعيّنيات والتسعينيّات، وأصبح الباحث قادراً على أن يعثر في كل دولة عربية على رصيد مقبول من النصوص الأدبية ذات المستوى الفني الجيّد. وهذا الأمر يدعو إلى التفاؤل بمستقبل أدب الأطفال في الوطن العربي. ويُعزِّز هذا التفاؤل شيءٌ آخر هو حرص النصوص الأدبية على القيم الإيجابية، حتى إنه ليصعب العثور على نص عربي للأطفال ليس فيه قيمة وطنية أو قومية أو اجتماعية أو أخلاقية إيجابية، ويُخيل إليَّ أننا لا نعثر، إذا حللّنا النصوص منفردةٌ، على أية مشكلة تمس الشخصية القومية للطفل العربي. ولكننا إذا حلّلنا النصوص مجتمعةً لاحظنا أمراً ذا بال يتعلّق بالقيم المفضية إلى بناء الشخصية القومية للطفل العربي. ولكي يتّضح هذا الأمر سأشير إلى ثلاث دراسات حلّلت المحتوى القيمي لنصوص موجَّهة للطفل العربي:
أ- استخرجتُ في عام 1979 القيم المطروحة في (138) نصاً قصصياً للأطفال(1) نُشرت في مجموعات قصصية موجَّهة لأطفال المرحلة العليا (بين 9- 12 سنة). وقادني تصنيف القيم في مجموعات استناداً إلى تصنيف (وايت) إلى النتيجة الآتية:
- المرتبة الأولى لمجموعة القيم المعرفية الثقافية: 42 قيمة (40 قيمة معرفية، وقيمتان للذكاء. أما قيمة الثقافة فلم تنصرف إليها أية قصة).
- المرتبة الثانية لمجموعة القيم الاجتماعية: 28 قيمة (10قيم لوحدة الجماعة، وقيمة لقواعد السلوك، وثلاث قيم للتواضع، وأربع قيم للمماثلة، وأربع قيم للكرم، وست قيم للأسرة، أما قيم الظرف واللطافة والتسامح والصداقة فلم تلتفت إليها أية قصة).
- المرتبة الثالثة لمجموعة قيم تكامل الشخصية: 19 قيمة (انصرفت القصص إلى قيم القوّة والعدوان والسعادة والمظهر، وابتعدت ابتعاداً كاملاً عن قيم الحرص والانتباه والتصميم).
- المرتبة الرابعة لمجموعة القيم الوطنية القومية: 17 قيمة (تمركزت القيم كلها إلى جانب قيمة حرية الوطن، وأهملت القيمة الوطنية وقيمة وحدة الأقطار المجزّأة).
- المرتبة الخامسة لمجموعة القيم العملية الاقتصادية: 7 قيم (انصرفت القيم إلى العمل، وأهملت الضمان الاقتصادي والملكية).
- المرتبة السادسة لمجموعة القيم الأخلاقية: 5 قيم (انصرفت القيم إلى الأخلاق، وأهملت العدالة والطاعة والدين).
- المرتبة السابعة لمجموعة القيم الجسمانية: قيمتان (انصرفت القيمتان إلى الصحة، وليس هناك ذكر لقيم الطعام والراحة والنشاط والرفاهية والنظافة).
ب- استخرجتُ في عام 1984 القيم المطروحة في (223) نص قصصي للأطفال(2) نُشرتْ في مجلات لأطفال المرحلة العليا (بين 9-12 سنة). وقادني تصنيف القيم في مجموعات استناداً إلى تصنيف (وايت) إلى النتيجة الآتية:
- المرتبة الأولى لمجموعة القيم المعرفية الثقافية: 97 قيمة (78 قيمة معرفية، وخمس قيم للذكاء، و14 قيمة للثقافة).
- المرتبة الثانية لمجموعة القيم الاجتماعية: 40 قيمة (توزَّعت القيم الأربعون على قيم المجموعة كلها، مع اهتمام خاص بقيم قواعد السلوك، وإهمال نسبي لقيم التسامح والظرف والتواضع).
- المرتبة الثالثة لمجموعة القيم تكامل الشخصية : 29 قيمة (انصرفت القيم إلى التحصيل والنجاح والعدوان، وأهملت قيم التصميم والمظهر والسيادة).
- المرتبة الرابعة لمجموعة القيم الترويحية: 26 قيمة (12 قيمة للخبرة الجديدة، وثماني قيم للتعبير الذاتي المبدع، وست قيم للمرح. وكان هناك إهمال لقيم الإثارة والجمال واللعب).
- المرتبة الخامسة لمجموعة القيم العملية الاقتصادية : 11 قيمة (انصرفت القيم إلى العمل غالباً، وأهملت الضمان الاقتصادي والملكية).
- المرتبة السادسة لمجموعة القيم الوطنية القومية: 10 قيم (خمس قيم للوطنية، وخمس قيم لحرية الوطن، وليس هناك أية قيمة لوحدة الأقطار المجزّأة).
- المرتبة السابعة لمجموعة القيم الأخلاقية: 5 قيم (انصرفت القيم إلى الأخلاق، وأهملت قيم الصدق والعدالة والطاعة والدين).
- المرتبة الثامنة لمجموعة القيم الجسمانية: 5 قيم (انصرفت القيم إلى الصحة، وأهملت قيم الطعام والراحة والنشاط والرفاهية).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هدوء الليل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
هدوء الليل


انثى
عدد الرسائل : 161
العمر : 36
العمل/الترفيه : طالبة
نقاط التميز : 41
تاريخ التسجيل : 09/11/2008

أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Empty
مُساهمةموضوع: رد: أدب الأطفال وثقافتهم قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل   أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Emptyالأربعاء ديسمبر 10, 2008 8:21 pm

ج- حلَّل خلف نصَّار محيسن الهيتي استناداً إلى تصنيف (وايت) 809 صفحة من صفحات صحافة الأطفال (3)، فعثر على (3489) قيمة. ولدى تصنيفه هذه القيم لاحظ بروز قيم المجموعة الوطنية القومية كلها، وبروز قيم الجمال والخبرة الجديدة والتعبير الذاتي المبدع من مجموعة القيم الترويحية، كما لاحظ بروز قيمتين من مجموعات القيم الآتية: الاجتماعية (حب الناس- وحدة الجماعة)- المعرفية (المعرفة- الذكاء)- تكامل الشخصية(التصميم- الحرص) -العملية (العمل- الملكية)- الجسمانية (النشاط والصحة- سلامة الجسم). أما مجموعة القيم الأخلاقية فلم تكن إلى جانبها أية قيمة.
انتهت الدراسات الثلاث السابقة إلى نتائج تكاد تكون متقاربة، يهمّني منها الذاتية أو الفردية في طرح القيم على الأطفال، والافتقار إلى منظومة قيم يستند الأدباء إليها في أثناء إبداعهم النصوص الأدبية الموجّهة للطفل العربي، فالأدباء، كما تدل الإشارة الموجزة إلى الدراسات الثلاث، اهتموا بمجموعة القيم المعرفية الثقافية أكثر من اهتمامهم بمجموعتي القيم الأخلاقية والجسمانية. كما أنهم انصرفوا، ضمن مجموعات القيم، إلى قيم دون أخرى. فكان هناك تركيزٌ واضح على قيم المعرفة وقواعد السلوك ووحدة الجماعة والتحصيل والنجاح وحرية الوطن، وإهمالٌ لقيم التسامح والتواضع والطاعة والدين ووحدة الأقطار المجزّأة... وليس هناك تعليل لذلك كله غير انطلاق الأديب من ذاته وخبرته وثقافته. فهو يطرح القيم التي يرتضيها ويراها أساسية في التربية القيميّة للطفل العربي، من غير أن يُعير مايطرحه زميله الأديب أي اهتمام. فالقيمة المعرفية التي نعثر عليها في نص أو نصين لأحد الأدباء تبقى إيجابية مقبولة، ولكنّ اهتمام الأدباء كلهم بهذه القيمة المعرفية شيء سلبي مرفوض. وقد أكّدت الدراسات الثلاث هذا الاهتمام المرفوض، لأنه يعني أن الأدباء يعتقدون بأن الطفل العربي صفحة بيضاء يجب أن تُملأ بالمعارف. وهذا الموقف الأدبي من الطفل هو نفسه موقف المدرسة منه. فهي ترى واجبها مقصوراً على تنمية معارف الطفل، لأن المعارف لبوس المتعلِّم ووسيلته في الحياة. وإذا كان الطفل يقبل موقف المدرسة ويُسوِّغه، فإنه ينفر من النص الأدبي الذي يتقمّص الموقف نفسه. ويترسَّخ نفوره إذا تقمّص النص الأدبي موقف المدرسة وأسلوبها معاً. والمراد هنا لجوء النص الأدبي إلى أسلوب الوعظ والإرشاد في طرح القيم. ذلك أن الطفل يُقبل على النص الأدبي طواعيةً، آملاً في العثور على المتعة والتشويق، فإنْ رأى هذا النص يُكرِّر موقف المعلّم وأسلوبه انصرف عنه إلى غيره.
إن خبرة الأديب الفردية وشعوره بالمسؤولية الأدبية دفعاه إلى طرح القيم الإيجابية، ولكنهما لم يكونا كافيين لاجتماع الأدباء على طرح قيمٍ يُكملِ بعضها بعضاً، وليس فيها تكرار لما تطرحه المؤسسات الأخرى المعنية بثقافة الطفل العربي وتربيته. ومن ثمّ كان هناك تركيز على قيم وإهمال لقيم أخرى. وزاد من الأثر السلبي للتركيز والإهمال خضوع خبرات الأدباء الفردية لمؤثِّرات التجزئة والإعلام.
فالتجزئة السياسية التي تعاني منها الأمة العربية، خلقت أنظمةَ حكمٍ متباينة في عقائدها السياسية وفي القيم التي تُجسِّد هذه العقائد. واللافت للنظر أن يتأثّر الأديب بالقيم التي يُحبِّذها نظام الحكم في دولته، فيعكسها في النصوص التي يكتبها للطفل، ويهمل قيماً أخرى لا تُقرُّها السياسة في دولته ولا تُشجّعه على طرحها، أو لا تسمح له بنشرها في كتب الأطفال ومجلاتهم التي تُصدرها وتُشرف عليها وتحرص على أن تعكس القيم المفضَّلة لديها. ويمكن الاطمئنان إلى أن التجزئة السياسية العربية لا تُشجِّع على إبداع أدب الأطفال ذي محتوى قيميّ واحد موحِّد، بل تُشجِّع على طرح قيم متباينة غير متكاملة. وتكمن المشكلة في أن الأدباء العرب لم يكتفوا بالتأثر بالتجزئة السياسية وحدها، بل راحوا يتأثرون بتوابعها، أقصد هنا الطبيعة الآنية للإعلام العربي. ففي أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وبعده في زمن المقاومة الوطنية في جنوبي لبنان، ثم في الانتفاضة الفلسطينية، كان الإعلام العربي يُعلي من قيم المقاومة والدفاع عن الوطن والشهادة في سبيله، وقد برزت القيم نفسها في نصوص أدب الأطفال التي واكبت هذه الأحداث، وكأنّ أدباء الطفل تشبَّثوا بإيقاع الإعلام العربي وحماسته، وراحوا يجسِّدون مايرغب فيه. وهذا ما دفعني إلى الشك في أن يكون أدب الأطفال تابعاً للإعلام وليس مستقلاً عنه أو رائداً له. وعزّز هذا الشك خلوّ أدب الأطفال من القيم نفسها بعد تلاشي الاهتمام الإعلامي بهذه الأحداث، كلها أو بعضها.
مهما يكن الأمر فإن أدب الأطفال العرب يعاني من ظاهرتي التركيز والإهمال، التركيز على قيم أو مجموعات قيم، وإهمال قيم ومجموعات أخرى. وسواء أكنا نعزو هاتين الظاهرتين إلى انطلاق الأدباء من خبراتهم الفردية ورؤاهم الذاتية المتباينة أم نعزوهما إلى تماهي أدب الأطفال بالبيئة التي يُنْتَج فيها وأخلاصه للقيم التي يدعو إليها نظام الحكم في دولته، فإن النتيجة التي أخلص إليها هي أن أدب الأطفال العربي ليس أدباً موحِّداً، لأنه يطرح قيماً لا تقود - على تفاوتها في التركيز والإهمال- إلى بناء شخصية قومية واحدة للأطفال العرب. وهذا يعني أننا نحتاج إلى حل مقبول لمشكلة القيم في أدب الأطفال إذا أردنا لهذا الأدب أن يكون موحِّداً لهؤلاء الأطفال مهما يختلف الأدباء وتتباين الأنظمة وتتعدّد الظروف.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هدوء الليل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
هدوء الليل


انثى
عدد الرسائل : 161
العمر : 36
العمل/الترفيه : طالبة
نقاط التميز : 41
تاريخ التسجيل : 09/11/2008

أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Empty
مُساهمةموضوع: رد: أدب الأطفال وثقافتهم قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل   أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Emptyالأربعاء ديسمبر 10, 2008 8:23 pm


2- أدب الأطفال ومنظومة القيم:

تحتاج علاقة الأديب العربي بالقيم إلى الارتقاء من الفردية الذاتية إلى الموضوعية. ذلك لأن الأدباء العرب جميعاً يعون أهمية القيم في حياة الطفل، وخصوصاً قدرتها على توجيه نشاطه وتحديد سلوكه وتكامل شخصيّته. غير أنهم متباينون كثيراً في وعي الطبيعة العلمية للقيم، أقصد: كون القيم تُوجِّه نشاط الطفل وتعكس الواقع، فهي أفكار أو ظواهر للوعي الاجتماعي، يُعبِّر الناس بوساطتها عن واقعهم وأهدافهم. ولابدَّ من أن يكون الأديب قادراً على معرفة المُثُل الاجتماعية العليا التي تُعبِّر عن واقع العرب وأهدافهم حتى يتمكّن من طرح القيم الملائمة لهم. وهذا التباين بين الأدباء العرب عائد إلى اعتمادهم النظرة الفردية للقيم، وابتعادهم عن دراسة نظرية القيم، وهي دراسة فلسفية تُعين على معرفة طبيعة القيم ومشكلاتها وجوانبها.
فما هو شرٌّ عند هذا الأديب ربما كان خيراً عند أديب آخر لتباينهما في النظرة الفردية الذاتية التي تُكوِّنها الثقافة وتبلورها العقيدة. وتكمن المشكلة في أن مفهوم الخير أو الشر معيار لتقييم كثير من السلوك البشري في الحاضر، كما أنه مطلب أخلاقي في الوقت نفسه، أيْ أنه رغبة في أن يتحقّق هذا الخير أو الشر. ومن ثمّ لا يصح أن تبقى النظرة إلى الواقع والمستقبل مقصورة على النظرة الفردية الذاتية، لأن هذه النظرة لا يضبطها ضابط موضوعي يُحدِّد صلة القيم المطروحة في الأدب بالممارسة الاجتماعية، ويوضِّح جانبها الإنساني العام. ويمكنني الادعاء بأن هذا الضابط الموضوعي هو (منظومة القيم) الواضحة المحدَّدة المستمدَّة من ماضي الأمة العربية الإسلامية، المعبِّرة عن حاضرها وتطلُّعها إلى المستقبل.
ولاشك في أننا لم نكن نملك، قبل بداية النصف الثاني من الثمانينات(4)، أية محاولة عربية لصنع منظومة قيم خاصة بنا. وهذا أمر بديهي، لأن اقتراح هذه المنظومة يحتاج إلى تحديد معالم الهوية العربية، وإلى الخروج من مأزق التجزئة السياسية. ولنقل على سبيل الإيجاز إنّ مناقشات المثقفين العرب حول قضية الهوية بدأت تحمى وتتأجّج ابتداءً من أُخريات القرن التاسع عشر، في هيئة الأصالة (أو القديم) حيناً، وهيئة المعاصرة (أو: الحديث) حيناً آخر. ولم تكن محاولات التوفيق بين الأصالة والمعاصرة غائبة عن الفكر العربي، ولا ضعيفة فيه، لأنها انطلقت من التلازم بين العروبة والإسلام، وكان التراث في مفهوم الأمة العربية الإسلامية (5) مكوِّناً من مكوِّنات الهوية وليس المكوِّن الوحيد لها.
بيد أن ظروف التجزئة السياسية لم تكن مواتية لتجسيد أحلام المثقفين في تحديد الهوية العربية. فقد أفرزت التجزئة أنظمة متباينة في وجهات نظرها وعقائدها ومصالحها، وفي نظرتها إلى القيم أيضاً. وجهدت هذه الأنظمة في توظيف أجهزتها ومؤسساتها لترسيخ القيم التي آمنت بها، ونتج عن ذلك تباين واضح بين الأقطار العربية في القيم السائدة في أدب الأطفال لديها. ولم يكن هذا التباين مقصوراً على الأنظمة ذات العقائد السياسية المختلفة، بل شمل الأنظمة السياسية المتقاربة في عقائدها ونظرتها إلى الحياة والكون. ومن ثمَّ لم يكن غريباً أن تتباين القيم في أدب الأطفال العرب، وأن يصح وصف هذا الأدب، تبعاً لذلك، بأنه أدب غير موحِّد.
والدليل على ذلك ماثل في أن نقد أدب الأطفال الذي بدأ يتضح في السبعيّنيات لم يعثر، وهو يتجه إلى تحليل المحتوى القيمي، على أية منظومة عربية للقيم، فاضطر إلى اصطناع منظومات غريبة، وراح يطوِّعها لتلائم الثقافة العربية. وهو محقّ في ذلك. لأنه نظر إلى القيم على أنها الشيء الذي يُحدِّد سلوك الفرد وأفعاله(6) ومواقفه الاجتماعية والأخلاقية والسياسية وأهدافه العامة في الحياة (7)، كما رغب النقد في الكشف عن القيم السائدة في أدب الأطفال ليتمكّن من تحديد موقع الأدب من التغييرات الاجتماعية واستجابته للمُثُل القومية العليا. وما الدراسات الثلاث التي أشرتُ إليها في بداية الفقرة السابقة إلا نموذج للدراسات التي اصطنعت منظومة القيم التي قدَّمها (رالف وايت). وهناك دراسات اصطنعت منظومة وايت نفسها في تحليل المحتوى القيمي لكتب المطالعة العربية وللطلبة الناشئين (Cool، مماجعل هذه المنظومة أكثر شهرة لدى النُّقاد والباحثين في الوطن العربي. وأود، هنا، تقديم الصورة المطوَّرة لمنظومة (وايت) كما طرحها خلف نصَّار محيسن الهيتي(9)، لأن هذا التطوير راعي الثقافة العربية. وسنلاحظ، بعد، أن هناك إمكانية للإفادة من هذه المنظومة في تعديل المنظومة التي اقترحتها الخطة الشاملة للثقافة العربية.
تضم منظومة (وايت) المطوَّرة ثماني مجموعات، فيها سبع وأربعون قيمة على النحو الآتي:
أ- مجموعة القيم الاجتماعية: وحدة الجماعة- الظرف واللطافة- قواعد السلوك- التواضع- المماثلة- (التشبُّه)- الكرم والعطاء- التسامح- حب الناس (الجنس الآخر- الأسرة- الصداقة).
ب- مجموعة القيم الأخلاقية: الأخلاق- الصداقة- العدالة- الطاعة- الدين.
ت- مجموعة القيم القومية الوطنية: الوطنية - حرية الوطن (استقلاله)- وحدة الأقطار المجزّأة (عربية - غير عربية).
ث- مجموعة القيم الجسمانية: الطعام - الراحة- النشاط- الصحة وسلامة الجسم - الرفاهية - النظافة.
ج- مجموعة القيم الترويحية (التسلية - اللعب): الخبرة الجديدة- الإثارة- الجمال- المرح- التعبير الذاتي المبدع.
ح- مجموعة قيم تكامل الشخصية: التكيُّف والأمن الانفعالي- السعادة- التحصيل والنجاح- التقدير- اعتبار الذات (احترام الذات)- السيطرة (التسلُّط)- العدوان- القوة- التصميم- الحرص والانتباه- استقلال الفرد- المظهر.
خ- مجموعة القيم المعرفية الثقافية: المعرفة- الذكاء- الثقافة.
د- مجموعة القيم العملية الاقتصادية: العملية (الواقعية)- العمل - الاقتصاد- الضمان الاقتصادي- الملكية
الاشتراكية.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هدوء الليل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
هدوء الليل


انثى
عدد الرسائل : 161
العمر : 36
العمل/الترفيه : طالبة
نقاط التميز : 41
تاريخ التسجيل : 09/11/2008

أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Empty
مُساهمةموضوع: رد: أدب الأطفال وثقافتهم قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل   أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Emptyالأربعاء ديسمبر 10, 2008 8:26 pm


3- نحو أدب موحِّد:

صدرت الخطة الشاملة للثقافة العربية عام 1986، بعد عمل دؤوب استمر أربع سنوات تقريباً (1982-1985). وتنبع أهمية هذه الخطة من أنّها أول تقنين للهوية العربية الإسلامية تُصْدِره جامعة الدول العربية، ويحظى بموافقة الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي. وقد روُعي في وضع الخطة خمسة أمور تلبي الحاجة إلى التنمية القومية الشاملة، وهي(10):
أ- تحديد المنظور المستقبلي العربي، والرؤية الواضحة لنوع الإنسان الذي نريد، وشكل المجتمع الذي نبني. وبناء نظرية ثقافية متكاملة تُعَدّ إطاراً مرجعياً للسياسات الثقافية العربية في تنويعاتها القطرية. وفي مواجهة تحديات المستقبل ومتغّيراته.
ب- تطوير الثقافة العربية لتصبح ثقافة علمية معاصرة محافظة على تراثها وهويّتها، مسهمة في الوقت نفسه في التقدُّم العربي والبشري.
ت- الاستجابة للأعمار كافة، من المهد إلى اللحد، بمرونة قادرة على التكيُّف مع تنوُّع البيئات العربية وحاجاتها المتجدِّدة.
ث- الاستجابة لتحدّيات المعرفة والتقنية المتزايدة، وللصراع مع الثقافات المالكة لها.
ج- الاستجابة لحاجات الأطفال والناشئين الثقافية بإقامة توازن بين الثقافة التي يجري إعدادها لهم من تراثنا وعصرنا، والثقافة التي يحتاجون إليها في المستقبل.
جسّدت الخطة الشاملة للثقافة العربية الأمور الخمسة السابقة، فحدَّدت الهوية الثقافية العربية، ووضعت الأهداف والمبادئ الأساسية، وفصَّلت في أسس العمل ووسائله، ورسمت عناصر السياسات والبرامج الإقليمية والقومية. والمعروف أن جامعة الدول العربية لم تكتف بإصدار الخطة، بل راحت تعقد الندوات لمناقشتها وتوضيحها (11)، وليس غريباً في مثل هذا العمل العلمي أن تحتلَّ القيم مكانة الصدارة، وأن تُطْرَح على أنها منظومة القيم العربية الإسلامية (12). ولاشك في أن تقديري جهد جامعة الدول العربية يفرض عليَّ مناقشة المنظومة قبل الدعوة إلى اعتمادها إطاراً مرجعياً لأدب الأطفال العربي. ذلك لأن الخطة الشاملة للثقافة العربية صنَّفت منظومة القيم العربية الإسلامية في أربعة جوانب، يضم كل جانب قيماً رئيسة تتبعها قيم فرعية تُوضِّحها أو تزيدها تفصيلاً. ويمكنني، تمهيداً للمناقشة، تقديم الصورة الموجزة الآتية لهذه المنظومة:
أ- من الناحية السياسية: تكريم الإنسان بوصفه إنساناً (نفي التمييز العنصري)- الشورى أسلوباً للحكم- العدل- رفض الظلم- الحرية (إطلاق ملكات الإنسان- تحرير الإنسان من الاستغلال- حرية التعبير)- المساواة في الفرص (استناداً إلى معيار: قيمة المرء مايُحْسِن).
ب- من الناحية الاجتماعية: احترام الأسرة (رعاية الوالدين- التراحم بين ذوي القربى- قضايا الإرث- قضايا الزواج- صوت حقوق المرأة)- إيثار المروءة- العفو هو الأساس في العلاقات الاجتماعية- التكافل الاجتماعي- (الرعاية الاجتماعية- توفير حاجات الإنسان الأساسية-نبذ الأنانية الفردية - الصداقات والزكاة- إشراف الدولة على المشافي- إحياء الأرض- المحاسبة- الوقف)- العدل الاجتماعي (تحريم الربا- إنكار استغلال الإنسان- التعليم المجاني)- المسؤولية الاجتماعية العامة للجماعة (تنظيم الحرف- مراقبة الأسواق والأسعار- منع الغش- الحفاظ على النظافة- الرفق بالحيوان- السهر على القضاء وتنفيذ الأحكام- منع الاحتكار).
ج- من الناحية الاقتصادية: تقديس العمل النافع والإنتاج (العمل واجب ديني ودنيوي)- الاستثمار الإنتاجي ومنع الاكتناز والاحتكار (معيار استثمار المال هو توفير الحاجات الأساسية للإنسان) -مسؤولية الدولة عن أعمال النفع العام- الثروات العامة ملك الدولة، تديرها لصالح الجميع.
د- من الناحية الفكرية والثقافية: رفض الأمية وتكريم العلم- الدعوة للإبداع والتفكير في آلاء الله والطبيعة والذات الإنسانية - البحث عن الحكمة والمعرفة (التلاقح الثقافي).
حدّدت الجوانب الأربعة للمنظومة المحتوى القيمي للثقافة العربية، وشكّلت الإطار المرجعي له. كما راعت مكوِّنات الهوية العربية الإسلامية من تراث روحي وثقافة وشخصية اجتماعية محدّدة، مستندة في ذلك إلى عراقة الثقافة العربية، وسماتها الإنسانية، وقابليتها للنمو والإبداع والتطوّر، وأصالتها التي منحتها القدرة على التلاقح ومواجهة الغزو الثقافي. ولا أشك في أن ذلك كله منح المنظومة خصوصية عربية تفتقر إليها منظومة (وايت) المطوَّرة على الرغم من التقائها المنظومة العربية في ثلاث مجموعات، هي المجموعة الاقتصادية والفكرية الثقافية. ولعل افتقار منظومة (وايت) إلى المجموعة السياسية يدل على رغبة واضعها في جعلها مطلقة غير مقيَّدة بمجتمع معيّن، في حين رغبت المنظومة العربية في أن تبدأ بالناحية السياسية لإدراكها أهميتها في المجتمع العربي.
وإذا قارنا مفردات القيم في المنظومتين لاحظنا الخصوصية العربية نفسها. فقيمة الأسرة الفرعية في منظومة وايت أصبحت أساسية في المنظومة العربية، لأن الأسرة كالعمل واجب ديني ودنيوي عند العرب، عبَّرت عنه الثقافة العربية وجسَّده الواقع بحرصه على التماسك الأسري، وتشجيعه العمل النافع، ومحاربته البطالة. كما تشير المقارنة إلى أن منظومة وايت لا تضم قيماً عربية أصيلة، كتكريم الإنسان، ونفي التمييز العنصري، والمساواة في الفرص، والدعوة إلى التفكير، والإبداع، والاستثمار الإنتاجي لصالح الناس كافة، وتكريم العِلْم، ورفض الأميّة، والعدالة الاجتماعية...
وفي المقابل، تخلو المنظومة العربية من مجموعتين التفتت إليهما منظومة وايت، هما: مجموعة القيم الوطنية القومية، ومجموعة القيم الجسمانية. ولهاتين المجموعتين أثر كبير في تنمية الحس القومي والوطني لدى الطفل العربي، وفي الحفاظ على صحته وسلامة جسده، كما تفتقر المنظومة العربية إلى قيم لها صدى في الثقافة العربية، كالكرم وحب الناس والصداقة والجمال والمرح والتصميم نفي العدوان والتسلُّط.
كما أن المنظومتين معاً تحتاجان إلى قيم أخرى روحية وثقافية واقتصادية واجتماعية، تسدُّ ثغرات في النظام القيمي المعبِّر عن الهوية العربية الإسلامية. وقد لاحظتُ أن الخطة الشاملة أشارت إلى بعض هذه القيم في أثناء حديثها عن تنمية القيم الروحية واستلهامها(13)، وعن الهوية الثقافية (14). ولكنها لم تضمّها إلى المنظومة لسبب أو آخر. وهذا كله يعني، في رأيي، أن منظومة القيم العربية الإسلامية المقترحة في الخطة الشاملة للثقافة العربية تحتاج إلى جهد آخر لتصبح شاملة.
وصفة الشمول في منظومة القيم ضرورية جدّاً إذا أردنا لأدب الأطفال أن يُسهم في بناء الشخصية القومية السليمة للطفل العربي. ذلك لأن تنمية قيم دون أخرى تُصيب النظام القيمي للطفل بالخلل وبشيء غير قليل من الصراعات التي تؤدّي إلى اضطرابات عصابية عنده. وهذا مادفعني إلى تقديم صورة معدَّلة لمنظومة القيم العربية الإسلامية التي اقترحتها الخطة الشاملة. وقد راعيتُ في التعديل الأمور الأتية:
- المحافظة على منظومة القيم العربية الإسلامية، مع تعديل بعض القيم الفرعية فيها(15).
- إضافة مجموعتي القيم الوطنية القومية والجسمانية من منظومة وايت، مع تعديل بعض قيمهما الفرعية (16).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هدوء الليل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
هدوء الليل


انثى
عدد الرسائل : 161
العمر : 36
العمل/الترفيه : طالبة
نقاط التميز : 41
تاريخ التسجيل : 09/11/2008

أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Empty
مُساهمةموضوع: رد: أدب الأطفال وثقافتهم قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل   أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Emptyالأربعاء ديسمبر 10, 2008 8:28 pm

-
إضافة القيم التي لم تُذكر في المنظومة العربية ومنظومة وايت(17).
- إضافة القيم الروحية التي أُدرجت في الخطة الشاملة، ولم ترد في المنظومة العربية(18).
- اعتماد التصنيف المستند إلى (مجموعات).
- اعتماد القيم الفرعية داخل كلّ مجموعة حرصاً على التخصيص وابتعاداً عن التعميم.

4- المنظومات العربية الإسلامية المعدَّلة:

أ- مجموعة القيم الأساسية: تكريم الإنسان لذاته- نفي التمييز العنصري- اعتماد الشورى أسلوباً في الحكم- العدل- رفض الظلم- حريّة التعبير والرأي- تحرير الإنسان من الاستغلال- إطلاق ملكات الإنسان- حرية المعتقد(19)- التسامح الديني(20)- رفض التسلُّط- المساواة في الفرص استناداً إلى معيار: قيمة المرء بما يُحسن.
ب- مجموعة القيم الاجتماعية: احترام الأسرة- رعاية الوالدين- التراحم وصلة ذوي القربى- التقيُّد بقضايا الإرث الشرعي- تشجيع الزواج المتكافئ (21)- صون حقوق الطفل والناشئ والكهل والمرأة (22)- إيثار المروءة والعفو في العلاقات العامة- الرعاية الاجتماعية- توفير الحاجات الأساسية للإنسان- نبذ الأنانية الفردية- تشجيع الصدقات والزكاة- إحياء الأرض- اعتماد مبدأ المحاسبة (23)- العدل الاجتماعي- تحريم الربّا- نفي استغلال الإنسان- التعليم المجّاني- المسؤولية العامة للجماعة عن تنظيم الحِرَف- المسؤولية العامة للجماعة عن مراقبة الأسواق والأسعار- المسؤولية العامة للجماعة عن نفي الغش- المسؤولية العامة للجماعة عن نزاهة القضاء- المسؤولية العامة للجماعة عن منع الاحتكار- المسوؤلية العامة للجماعة عن سيادة القانون(24)- المسؤولية العامة للجماعة عن مراعاة الجوار(25)- المسؤولية العامة للجماعة عن الحفاظ على وحدة الجماعة- المسؤولية العامة للجماعة عن حبِّ الناس- المسؤولية العامة للجماعة عن الملكية العامة- المسؤولية العامة للجماعة عن الآداب العامة- المسؤولية العامة للجماعة عن تحويل المبادئ إلى مؤسسات اجتماعية (26)- اللباقة (27)- الصداقة- التواضع- احترام الصداقة.
ت- مجموعة القيم الاقتصادية: تقديس العمل النافع (العمل واجب ديني ودنيوي) - الاستثمار الإنتاجي (استناداً إلى معيار: استثمار المال مشروط بتوفير حاجات الإنسان)- مسؤولية الدولة عن أعمال النفع العام- التضامن الاقتصادي العربي(28)- توفير الضمان الاجتماعي- نفي التبذير (29)- ترشيد الاستهلاك(30)- منع احتكار الحاجات الأساسية واكتنازها (32)- التكافؤ بين العمل والأجر(33).
ث- مجموعة القيم الفكرية الثقافية: رفض الأميّة- تكريم العلم والعلماء (34)- الدعوة للإبداع- الدعوة للتفكير في آلاء الله والطبيعة والذات الإنسانية- البحث عن المعرفة والحكمة- التلاقح الثقافي مع الثقافات العالمية (35)- احترام الكلمة (36)- احترام الحوار (37)- رفض الاستلاب الفكري(38)- احترام التراث وإحياؤه(39)- التكيُّف مع الحاضر والإعداد للمستقبل (40)- عدم التعارض بين العقل والنقل(41)- احترام الفكر العلمي وتشجيعه (42)- ممارسة الاجتهاد(43)- تنمية الأحاسيس الجمالية (44)- التحصيل والنجاح- احترام الذات- التصميم- الحرص والانتباه.
ج- مجموعة القيم الوطنية القومية:
احترام الوطن والأمة العربية (45)- الشهادة في سبيل الوطن والأمة العربية(46)- الحفاظ على حرّية الوطن والأمّة العربية(47)- وحدة الأقطار العربية(48)- نفي العدوان(49).
ح- مجموعة القيم الجسمانية:
الاعتدال في الطعام والشراب(50)- الحفاظ على الصّحة وسلامة الجسد(51)- النظافة- الرياضة (52).
تضمّ المنظومة العربية الإسلامية المعدّلة ست مجموعات، فيها ثلاث وثمانون قيمة. ولا أشك في أن هذه المنظومة، في أصولها الأولى وفي صورتها المعدَّلة، لم تُوضع للأطفال العرب فحسب، بل وُضعت لمتلّقي الثقافة العربية في مراحلهم العمرية كافّة. ذلك لأننا نهدف إلى أن يُسهم أدب الأطفال في بناء الشخصية القومية للطفل العربي، أي أن يكون أدباً موحدّاً. غير أننا نعي جيّداً أن أدب الأطفال لا يهدف إلى إمتاع الطفل وجَعْلَهُ يعيش حاضره فحسب، بل يهدف في الوقت نفسه إلى إعداده للمستقبل. ومن الضروري ألاّ يختلف النظام القيمي للطفل حين ينتقل إلى مرحلة المراهقة فالرجولة فالكهولة، إذا أردنا للشخصية القومية أن تُبْنَى بناءً سليماً متماسكاً. ولهذا السبب لم تقترح الخطّة الشاملة للثقافة العربية منظومة واحدة للأطفال وأخرى للناشئين وثالثة للرجال والنساء، بل اقترحت منظومة واحدة للثقافة العربية، وانطلقت من أن ثقافة الطفل إحدى الثقافات الفرعية في المجتمع العربي.
وإذا كان أدب الأطفال مكوِّناً من مكوِّنات ثقافة الطفل فإن الحرص على إنتاج أدب موحِّد للأطفال العرب لا يتحقّق إذا لم يتقيَّد الأدباء الذين يكتبون للمراحل العمرية اللاحقة بالمنظومة نفسها ليبقوا الأدب الموحِّد موحِّداً، قادرا في كل مرحلة عمرية على تعزيز الشخصية القومية وتنميتها، وبذلك يتّجه الأدب العربي كله نحو غاية واحدة، هي ترسيخ أدب موحِّد للشخصية القومية العربية.

الإحالات:

1- مشكلات قصص الأطفال في سورية- اتحاد الكتاب العرب- دمشق 1981.
2- انظر جزئّيات التحليل في الفصل الخاص بالقيم وصحافة الأطفال من كتابي: ثقافة الطفل العربي- اتحاد الكتّاب العرب- دمشق 1987.
3- انظر القيم السائدة في صحافة الأطفال العراقية- خلف نصّار محيسن الهيتي- وزارة الثقافة والفنون- بغداد 1978.
4- الإشارة هنا إلى عام 1986، وهو تاريخ طباعة الخطّة الشاملة للثقافة العربية.
5- للتفصيل انظر: البحث عن الهويّة العربية- د. فؤاد مرسي- مجلة الوحدة- العدد 53- فبراير/ شباط 1989- ص 7.
6- انظر ص 53 من: خليفة، د. عبد اللطيف محمد- ارتقاء القيم- عالم المعرفة 160- الكويت 1992.
7- المرجع السابق- ص 54.
8- منها تطوّرات في قيم الطلبة- محمد إبراهيم كاظم- مكتبة الأنجلو المصرية- القاهرة 1974. وذكر خلف نصّار محيسن الهيتي دراسات أخرى، كدراسة عائشة حسين طوالبة (القيم السائدة في كتب المطالعة العربية للمدارس الابتدائية)، ودراسة محمد الياس بكر (دراسة مقارنة في القيم بين طلبة الجامعة).
9- انظر القيم السائدة في صحافة الأطفال العراقية- ص 51، ومابعد.
10- الأمور الخمسة مستمدّة من تصدير الخطة الشاملة للثقافة العربية- ص 24/25- الط 2- تونس 1990.
11- عقدت المنظّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ندوات عدّة لمناقشة الخطة الشاملة للثقافة العربية، من هذه الندوات ندوة (الثقافة والقوى البشرية) التي التأم عقدها في تونس بين 16/19-11-1992
12- انظر الخطة الشاملة للثقافة العربية - ص 54 ومابعد.
13- المرجع السابق - ص 82 ومابعد.
14- المرجع السابق - ص 50 ومابعد.
15- سأشير في الهوامش إلى كلمة (معدَّلة) تمييزاً لها.
16- سأشير في الهوامش إلى كلمة (معدَّلة) تمييزاً لها.
17- سأشير في الهوامش إلى كلمة (مضافة) تمييزاً لها.
18- سأشير في الهوامش إلى كلمة (روحية) تمييزاً لها.
19- مضافة.
20- روحية.
21- معدَّلة.
22- معدَّلة.
23- معدَّلة.
24- مضافة.
25- مضافة.
26- مضافة.
27- معدَّلة.
28- مضافة.
29- مضافة.
30- مضافة.
31- مضافة.
32- معدَّلة.
33- مضافة.
34- معدَّلة.
35- معدَّلة.
36- مضافة.
37- مضافة.
38- مضافة.
39- مضافة.
40- مضافة.
41- روحية.
42-روحية.
43-روحية.
44-معدَّلة.
45- معدَّلة.
46-مضافة.
47- معدَّلة.
48- معدَّلة.
49- معدَّلة.
50- معدَّلة.
51- معدَّلة.
52-مضافة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هدوء الليل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
هدوء الليل


انثى
عدد الرسائل : 161
العمر : 36
العمل/الترفيه : طالبة
نقاط التميز : 41
تاريخ التسجيل : 09/11/2008

أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Empty
مُساهمةموضوع: رد: أدب الأطفال وثقافتهم قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل   أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Emptyالأربعاء ديسمبر 10, 2008 8:30 pm

الفصل الثّاني




تربية الإبداع الأدبيّ



إذا كانت منهجيّة البحث تُلزم الباحث بالرّيث والأناة في أثناء الحديث عن تربية الإبداع الأدبي لدى الأطفال، فإنها تفرض عليه بادئ ذي بدء الاعتراف بأن أدبيّات الإبداع الفنّي تشير إلى أن الرابعة عشرة هي الحدّ الأدنى للعمر الذي يظهر فيه الإبداع لدى المبدع في الحقل الفنّي(1). ففي هذه السنّ قاد موزارت أوبرا في ميلانو، ونظّم بيتهوفن حفلات موسيقية في الساحات العامة. وفي السنّ نفسها أو بعدها بقليل شرع عدد من الشعراء العرب ينظمون الشعر، كطرفة بن العبد وكعب بن زهير وأبي تمام والمتنبي ودعبل الخزاعي وعلي بن الجهم والمعرّي وجبران والشابي والجواهري وإبراهيم طوقان وغيرهم(2).
وعلى الرغم من أن أسماء المبدعين تكثر كلّما ارتفع العمر فوق الحدّ الأدنى فإن الأمر الذي لا يخطئه الباحث هو أن الإبداع الفنّي يبدأ في مرحلة المراهقة، ثم يستمر دون أن يعرف سنّاً يقف عندها. وهناك باحثون ينصّون على أن الإنتاج الإبداعي ينمو بين الثلاثين والأربعين ثم يهبط تدريجيّاً. وقد رفع بعضهم هذه السنّ إلى الخامسة والأربعين، ونصّ على أن ذلك لا يعني التحديد الدقيق للعمر الذي يظهر فيه الإنتاج الإبداعي. فقد أبدع فيردي أوبرا فالستاف وهو في الثمانين، وكتب مارك توين (جورنال حوّاء) في الحادية والسبعين، وطوَّر غراهام بيل الهاتف في الخامسة والخمسين، وحل مشكلة ثبات التوازن في الطائرة وهو في السبعين(3). أما مرحلة الطفولة فليس لدّي مايبعث على الاطمئنان بإمكانية عدّها مرحلة زمنية صالحة لظهور الإبداع الفنّي. وليس في تاريخ الأدب العربي، في حدود ماأعلم، أمثلة وافرة تُعين على القول إن الطفل قادر على الإبداع قدرة الراشد عليه. وربّما لاحظنا لدى الأطفال أحياناً شيئاً من الإنتاج الأدبي، إلاّ أن المفهوم العلمي للإبداع لا يعدُّ هذا الإنتاج إبداعاً فنّياً، بل يعدّه عملاً ابتدائياً لا يرقى إلى المستوى الفنّي، ولا يعبِّر عن خبرة جمالية ناضجة.
وهذا يعني، أول وهلة، أن دراسة الإبداع الأدبي لدى الأطفال ليس لها أي سند علميّ ولا مسوِّغ واقعيّ. بيد أن إنعام النظر في الموضوع نفسه يقود إلى أن الإشارة إلى الحدّ الأدنى لعمر المبدعين صحيحة دقيقة إذا درسنا الإبداع من زاوية الإنتاج الإبداعي الذي قدّمه المبدعون أوّل مرّة. أيْ أن الذين حدّدوا البداية بالرابعة عشرة بالنسبة إلى الإبداع الفنّي، والخامسة عشْرة أو السادسة عشْرة بالنسبة إلى الإبداع العلمي انطلقوا في تحديدهم من دراسة سيرة حياة المبدعين، فلاحظوا أن فئة منهم نشرْت أول إنتاج إبداعي لها وهي في الرابعة عشرة، ومن ثمَّ عدُّوا هذه السنّ حدّاً أدنى للإنتاج الإبداعي.
غير أن أدبيّات علم النفس تنصّ أيضاً على أن الباحث قادر على دراسة الإبداع من زاويتين أخريين غير زاوية الإنتاج الإبداعي، هما: دراسة الإبداع انطلاقاً من أنه عملية عقلية ذات مراحل معيَّنة، ودراسة الإبداع ابتداءً من قدرات المبدعين وأساليب كشفها واكتشافها(4). وهاتان الزاويتان مهمّتان بالنسبة إلينا لأنهما تؤكدان أن المبدع بدأ ينتج في الرابعة عشرة، ولكنّ هذا الإنتاج لم ينجم فجأة دون مقدّمات، بل سبقته سنوات من الإعداد والاكتساب والاختمار هيّأت لظهوره وطبعته بطابعها، سواء أكان هذا الطابع خاصاً بجدّة الإنتاج أم أصالته أم قيمته. وهذا يقودنا إلى أننا إذا رغبنا في أن ندفع أبناءنا إلى الإبداع في مرحلة المراهقة أو في المراحل التالية عليها، فإننا مطالبون بإعدادهم لذلك في مرحلة الطفولة، وإلاّ فإننا مضطرون إلى الاستمرار في قبول الأمرين اللذين درجنا عليهما، وهما وأد كثير من المواهب في مهدها دون أن يعذّبنا ضميرنا لإهمالنا قدراً من ثروتنا القومية، وإبقاء القدر الآخر من المواهب عرضة للمصادفات التي تدفعها إلى الاستمرار في تغذية موهبتها وتنميتها وقيادتها إلى الإبداع بعد قدر غير قليل من الجلد والجهد ومغالبة الصعاب في الساحة الإبداعية.
وإذا كان ذلك يُسوِّغ إقدامنا على تربية الإبداع لدى الأطفال، فإنني قادر على تعزيزه وتقديم السند العلمي له. ذلك لأن العاملين في الحقل التربوي متفقون على أن الطفل لا ينمو من تلقاء نفسه، بل ينمو بمقدار ما توّفره البيئة الاجتماعية من عوامل التربية ومقوماتها(5). وهذا الاتفاق يُعزّز القول السابق الخاص بإعداد الطفل لدخول حقل الإبداع، ويضيف إليه أمراً آخر مهماً هو أن الإبداع ذو جذر اجتماعي. إذ أن البيئة تساعد على تفتُّح الموهبة وقيادتها إلى الإنتاج الإبداعي إذا كانت تعي مهّمتها التربوية. والعكس صحيح أيضاً. أيْ أن القضية كلها منوطة بالوعي التربوي. لأن التربية معنّية أساساً ببناء شخصية الإنسان بناءً سليماً، وقادرة على توفر المناخ الملائم لهذا النمو. ولاشك في أن الأطفال الموهوبين بعضٌ من الأطفال في المجتمع وإنْ كانوا يحتاجون إلى رعاية خاصة. ولهذا السبب شرعت أدبيّات الإبداع تهتم في السنوات الأخيرة بتربية الإبداع لدى الأطفال. بل إن هناك دراسات سعت إلى تربية هذا الإبداع لدى أطفال الرياض انطلاقاً من أن تربية القدرات الإبداعية غير مقصورة على الطفولة المتوسطة والمتأخرة، بل هي سابقة عليها، معنيّة بالسنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل عموماً، وبمرحلة الرياض حتى السادسة خصوصاً. ففي هذه السنوات تبدأ شخصية الطفل تتضح، ويُقال إنها تكتمل، ولكنّ التربية تؤمن بإمكانية الاستمرار في تربية الإنسان من المهد إلى اللحد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هدوء الليل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
هدوء الليل


انثى
عدد الرسائل : 161
العمر : 36
العمل/الترفيه : طالبة
نقاط التميز : 41
تاريخ التسجيل : 09/11/2008

أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Empty
مُساهمةموضوع: رد: أدب الأطفال وثقافتهم قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل   أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Emptyالأربعاء ديسمبر 10, 2008 8:35 pm

إن تربية الإبداع لدى الطفل ممكنة إذن، بل إنه يمكن عدُّها هدفاً من الأهداف الرئيسة للتربية في الوطن العربي، على أن نفهم هذا الهدف في حدود الإعداد والتهيئة، ولا نفهمه في حدود القدرة على إنتاج شيء جديد نافع للمجتمع. ولكي يتّضح هذا الهدف ويبتعد عن اللبس لابدَّ من القول إنني أنظر إلى الموهوب والمبدع نظرة تراتبية، يقبع العبقري في أعلاها، يليه المبدع فالموهوب. والمجتمع، أيّ مجتمع، يضمّ قدراً وافراً من الموهوبين، وقدر أقلَّ من المبدعين، ويندر وجود العباقرة فيه عادة، لأن العبقري (بحكم تعريفه هو الشخص الذي يحرز للإنسانية انتصاراً في اتجاه ما لم تحرز مثله الغالبية العظمى من أبناء المجتمع)(6). ويمكن القول، ضمن النظرة التراتبية، إن الموهوب يُقاس بمن هم في سنّه وعمره العقلي، في حين يُقاس المبدع بمن هم أكبر منه سنّاً وعمراً عقلياً(7)، وإن العبقري يتحرّر من قيود السنّ فيقدِّم إنتاجاً جديداً أصيلاً لا يستطيع المبدع تقديمه. والمرجع في القياس السابق هو الدلالة الخارجية. إذ يُعرف الموهوب في الحقل الأدبي من تفوّقه في القراءة والتعبير، وميله إلى المطالعة وتذوّق الجمال في النصوص المكتوبة والمسموعة، وقدرته على مخاطبة الآخرين وإيصال أفكاره إليهم، وإسهامه في النشاط اللغوي العام، واندفاعه الذاتي للنقد والحكم والتحليل. ويُعرَف المبدع من تحلّيه عادة بالدلالات الخارجية السابقة الخاصة بالموهوب، إضافة إلى القدرة على الإنتاج الإبداعي الذي يتصف بالجدّة. ولكنّ الجدّة أمر نسبي وليس مطلقاً، ونسبيّتها واضحة في مرحلة الطفولة، إذ تعني فيها إنتاج الجديد بالنسبة إلى الأطفال وليس الجديد بالنسبة إلى الحقل الأدبي أو العلمي في بيئتهم. ومن المفيد أن أنصّ على أن الموهوب يصير مبدعاً، والمبدع يصير عبقّرياً، إذ توافر المناخ التربوي الملائم، وإلا فإن العبقرية تُعطِّل كما يُعطِّل الإبداع وتموت الموهبة. وهذا يقودنا إلى أن تربية الإبداع لدى الأطفال يجب أن تُعْنَى بالموهوبين أوّلاً لأنهم أكثر عدداً، ولأن هذه العناية قادرة على قيادة الموهبة إلى الإبداع إذا توافرت في الموهوب قدرات كامنة تستطيع التربية إثارتها وحفزها على الظهور. وربّما برز العبقري من صفوف المبدعين إذا كانت القدرات الكامنة والاستعدادات الوراثية أكثر أصالة وميلاً إلى العمل.
أستطيع؛ بعد الحذر المنهجي السابق، اقتراح العناية بالأمور الأربعة التالية، وأنبِّه قبل تفصيل القول فيها إلى ضرورة توافرها كلها مجتمعةً، لأن الخلل في أمر منها يقود إلى خلل تربية الإبداع الأدبي لدى الأطفال.

1- المناخ العام للإبداع:

المراد بالمناخ العام للإبداع طبيعة المجتمع الذي يعيش فيه المبدعون. فإذا كان هذا المجتمع ديمقراطيّاً يشجِّع أبناءه على الحوار وحريّة التعبير، ويقبل الرأي الآخر، ويُقدِّر الشريف المفيد العامل على خدمة الأمة ورفعة شأنها، نما المبدع في مناخ ملائم للإبداع. وإذا كان هذا المجتمع تسلُّطياً قمعياً، يشجِّع أبناءه على النفاق والزيف، وكمّ الأفواه، ويرفض الاعتراف بحقوق الإنسان، ويُقرِّب المخادع المداهن، شعر المبدع بالاختناق وأحسّ بالقيود التي تُكبِّل رأيه وعمله، فسكت خوفاً أوهاجر إشفاقاً على نفسه من مواجهةٍ هو وحده الخاسر فيها.
ولستُ في معرض الحديث عن ميزات الديمقراطية، فما هي بالأمر البعيد عن أحد في هذا الزمان، ولكنني أودّ التذكير بأن الديمقراطية جوهر الإبداع، ولا إبداع في المجتمع دون ديمقراطية. وعلى الرغم من أن هناك أمثلة على مبدعين نشؤوا في مجتمعات قمعية، فإن هذه الأمثلة لا تداني في المجتمعات نفسها نسبة المبدعين الذين مات الإبداع في نفوسهم أو حملوه وهاجروا إلى بلدان أخرى. ذلك لأن الديمقراطية لا تعني الحقوق السياسية والاجتماعية وحدها، بل تعني أيضاً إتاحة الفرصة لكل إنسان حسب قدراته واستعداداته. فلا يرتفع الوضيع لأنه يمدح ويداهن، ولا يُهان المبدع لأنه يجهر بالحق ويحرص على أن يُبدي رأيه وينفر من المجاملة. إن الديمقراطية تضع الإنسان حيث يجب أن يُوضع، وتُقدِّره حقّ قدره، وتُنشئ المؤسسات والمعاهد والجامعات والمدارس التي تُربي الإبداع لدى الموهوبين من أبنائها. وليس بين الشرق والغرب خلاف حول هذا الأمر. ففي الولايات المتحدة يوفِّر المجتمع ثلاثة أمور أساسية(Cool: التجميع والإسراع والإثراء. أما التجميع فيعني إنشاء صفوف خاصة بالمتفوقين بغية جمعهم في مدارس معيّنة وعزلهم عن أقرانهم العاديين. وأما الإسراع فيعني السماح للمتفوقين بالانتقال بين المراحل الدراسية بسرعة غير السرعة التي يُسمح بها لأقرانهم العاديين. وقد تتم هذه السرعة بتخطّي الصفوف أو ضغطها في مرحلة واحدة، إضافة إلى القبول المبكّر فيها للطالب الذي ثبت تفوّقه. وأما الإثراء فيعني اختيار أنشطة خاصة تُنمِّي مهارات المتفوّق ومواهبه. وفي الاتحاد السوفييتي السابق كان المجتمع يوفِّر مدارس خاصة بالمتفوقين، ويتمّ قبولهم في (الأولمبياد الأكاديمي) بعد خضوعهم لاختبارات محدَّدة لمعرفة قدراتهم. وهناك مدارس اختصاصية ببعض الفنون (الموسيقى والباليه مثلاً)، ومدارس أخرى تقبل الطلاب في سن مبكّرة، ومدارس من نوع ثالث تستند إلى مناهج تتمتّع بالمرونة والقدرة على الوفاء بحاجات المبدعين.
والحديث ذو شجون عن طبيعة المجتمع، سواء أكانت ديمقراطية يتوافر فيها المناخ العام للإبداع أم كانت تسلُّطية تخنق هذا المناخ وتُميتُه. بيد أنني أرى من المفيد تخصيص القول في المجتمعات العربي، ومن ثمّ لابدَّ من السؤال التالي: ماطبيعة المجتمع العربية، أهي ديمقراطية أو تسلُّطية؟ الحقُّ أن الدراسات الاجتماعية التي حلّلت المجتمع العربي قليلة جداً، ولكنّها متفقة على أنه مجتمع متخلِّف يُوصَف لتحسين الشكل وتخفيف الوقع بأنه مجتمع نام، ويسمِّيه هشام الشرابي(9) بطركيّاً يتألّف من خليط متضارب من العلاقات والقيم والبنى الاجتماعية القديمة والمستحدثة. كما أنه مجتمع تابع، ينقصه الاستقلال الذاتي، ويعيش أزمة التحوُّل في ظلّ الهيمنة الخارجية سياسياً واقتصادياً وحضارياً، ويتميَّز بتركيب اجتماعي نفسي متناقض ينعكس في حالة العجز والشلل التي هو فيها: عجزه الوظيفي في ممارساته الروتينية، وعجزه السياسي في نظامه الداخلي وفي تحقيق أهدافه الوطنية والقومية، وشلله العسكري والتنظيمي في حماية مصالحه العليا، وتقصيره في التخلُّص من التبعيّة وفي التوصُّل إلى الاستقلال الحقيقي. وعلى الرغم من ذلك كله فإن هذا المجتمع البطركي في رأي هشام الشرابي يتمتّع بقدر كبير من الدهاء والمقدرة على البقاء. فهو قادر على حجب ماهيّته البدائية المتخلّفة بمظاهر الحداثة والرقي، فيبدو كأنه مجتمع متطوّر يوشك أن ينتقل إلى مرحلة اقتصادية أعلى، وهو قادر على إشباع نهم طبقاته الاجتماعية المسيطرة وفي الوقت نفسه على تخدير جماهيره الواسعة. وربّما كان تحليل الدكتور الشرابي مؤلماً للراغبين في أن يتمكّن المجتمع العربي من تجسيد إنسانية الإنسان بوساطة التربية، غير أنه تحليل سليم في جوهره. وهو، أوّل وهلة، يُعزِّز القول بالطبيعة التسلُّطية القمعية للمجتمع العربي، ومن ثمَّ ينفي إمكانية توافر المناخ العام للإبداع فيه. ذلك لأنه يشير إلى أن مؤسسات المجتمع كلها تعيد إنتاج الذات البطركية، مما يجعل الحلْقة مفرغة. فالتربية، على سبيل التمثيل لا الحصر، لا تربّي شخصية الطفل على قيم الحق والخير والعدالة والحريّة والمساواة والأثرة والإخلاص وغير ذلك من القيم الإيجابية، بل تربي في هذه الشخصية قيم الطاعة والرضوخ والاستكانة والأنانية والنفاق، ولكنها تتظاهر بعكس ذلك حين تعلن أهدافاً جميلة، ومن ثمَّ تُرسِّخ التناقض بين القول والعمل، وبين الأهداف النظرية وتطبيقاتها العملية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هدوء الليل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
هدوء الليل


انثى
عدد الرسائل : 161
العمر : 36
العمل/الترفيه : طالبة
نقاط التميز : 41
تاريخ التسجيل : 09/11/2008

أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Empty
مُساهمةموضوع: رد: أدب الأطفال وثقافتهم قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل   أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Emptyالأربعاء ديسمبر 10, 2008 8:37 pm

إذا أنعمنا النظر في التحليل السابق لاحظنا أنه لا ينوي تعزيز الطبيعة التسلُّطية للمجتمع العربي، بل يحلّلها ليُشكِّل لدى الإنسان نوعاً من الوعي بطبيعتها. وهذا الوعي أوّل طريق النقد الذاتي الذي يقود إلى كسر الحلْقة المفرغة. ولهذا السبب لم يكن غريباً أن يقترح الدكتور الشرابي الاهتمام بالطفل والمرأة والأسرة النووية. ذلك لأن طبيعة المجتمع العربي ليست قَدَراً، بل هي واقع يمكن تغييره وتعديله وتبديله. ولاشك في أن العناية بالطفل ليست اقتراح الدكتور الشرابي وحده، بل هي مرتكز من مرتكزات المهمّة لدى المثقفين والتربويين وعلماء النفس والاجتماع والاقتصاد. كما أنّها وسيلة تحقيق الأمل الذي تعقده على الطفل القادر على تغيير المجتمع العربي وقيادته إلى الحضارة. ومن الطبيعي أن يكون مفهوم العناية بالطفل واسعاً شاملاً الأطفال كلهم، لأنه يعني توفير الحاجات الأساسية الجسدية والنفسية والروحية والمعرفية، وتنمية المهارات والاتجاهات، وغير ذلك من (مقوّمات عملية التنشئة الاجتماعية التي يتم من خلالها تشكيل الوليد البشري والانتقال به من كائن بيولوجي إلى مواطن راشد له شخصيّته المميزة التي يستطيع من خلالها أن ينتج ويسهم في رفاهية مجتمعه)(10). وليس لديَّ شكٌ في أن مفهوم العناية بالطفل يشمل الراشدين أيضاً. إذ لا معنى للحديث عن هذه العناية إذا لم يكن الراشدون يعون أهمية التنشئة السليمة للطفل، ويتقنون أساليب تجسيدها، ويعرفون أبعادها الاجتماعية والنفسية والوطنية والقومية. ومن ثمَّ تدخل حقل هذه العناية تلك الدراساتُ والمحاضراتُ والندواتُ واللقاءاتُ التي تُسهم في تشكيل وعي الراشدين بطبيعة الطفل العربي في الحاضر وصورته المأمولة في المستقبل.

2- المناخ الخاص للإبداع:

إذا كان المناخ العام يعني المناخ الديمقراطي المواتي للإبداع ضمن دائرة العناية بالأطفال كلهم دون تمييز بينهم، فإن المناخ الخاص يعني وعي طبيعة الموهوبين والمبدعين. وقد مرّ وقت طويل كنّا نعتقد فيه أن الإنسان المبدع شخص مختلف عن أقرانه في الذكاء والاستعدادات الوراثية والسلوك الاجتماعي والإلهام. ومن ثمَّ لم نكن قادرين على أن نوفرّ له مناخ الإبداع، بل كنّا نحتاج إلى أسطورة (عبقر) أو مثيلها لنقنع أنفسنا بهذا الاختلاف ونريحها من عناء التفكير فيه. والحقُّ أن الدراسات الحديثة أثبتت خطل هذه النظرة إلى الإنسان المبدع، وساعدتنا على فهمه فهماً علمياً يؤهلنا -إذا كنّا جادين مخلصين- للنهوض بمهمة العناية به وتوفير المناخ المواتي لإبداعه. وأستطيع اختزال ماقدَّمته أدبيّات الإبداع الحديثة في النقاط التالية(11):
أ- كل فرد يملك القدرة على الإبداع. أيْ أن لديه (الاستعداد) أو (الإمكانية) أو (الطاقة) على ذلك. وهذا الأمر لا يمنع من القول إن هذه القدرة تختلف وتتفاوت بين الأطفال تبعاً للفروق الفردية بينهم في القدرات والسمات، ومن ثمَّ لابدَّ من أن تُوجّه التربية عنايتها بادئ ذي بدء إلى الأطفال كلهم بغية حفز طاقاتهم على الظهور.
ب- بروز القدرة على الإبداع في هيئة أعمال إبداعية يتوقّف على أمور كثيرة، يرجع بعضها إلى العوامل الوراثية والدوافع الشخصية، ويرجع بعضها الآخر إلى الظروف البيئية.
ت- العوامل الوراثية لا تقود وحدها إلى الإبداع:
ولعلّ الذكاء أبرز العوامل الوراثية التي اختلط أمرها على الدارسين حتى الخمسينيات، ومازال اللبس سائداً حولها لدى العامة. إذ كان الدارسون يعتقدون بأن ارتفاع درجة الذكاء فوق الحدّ المتوسّط أو العادي (وهو 100درجة) يقود إلى الإبداع، ثم اكتشفوا بعد أن نشر (تيرمان) تقاريره الثلاثة (في الأعوام 1925-1957-1959)(12). أن درجة الدنيا اللازمة للإبداع هي (120) درجة تزيد أو تنقص قليلاً ولا أهمية للارتفاع الكبير في هذه الدرجة، مما قادهم إلى أن نسبة الذكاء ليست معياراً دقيقاً للموهبة الإبداعية. فقد كان بين الموهوبين الذين تتبّع تيرمان حياتهم من الحادية عشرة إلى الخامسة والأربعين أربعون موهوباً ارتفعت نسبة ذكائهم فوق (180) درجة، ولكن نتائج هؤلاء لم تختلف عن نتائج أقرانهم الذين وصلت نسبة ذكائهم إلى (140) درجة.
ث- دلالات التفوّق العامة كالتحصيل المدرسي والتوافق المهني والاجتماعي والصحة النفسية والجسدية ليست معايير دقيقة للموهبة الإبداعية. فقد كان دارون غبيّاً في المدرسة، ونيوتن بليداً، وباستور مخفقاً، وهيوم مخيِّباً للآمال، ولكنهم في مراحل حياتهم اللاحقة أصبحوا عباقرة يُشار إليهم بالبنان.
ج- يظهر السلوك الابتكاري لدى الأطفال في أحد مجالات المعرفة، ويندر أن نجد طفلاً مبدعاً في المجالات كلّها.
ح- القدرات التي تُشكِّل التفكير الإبداعي نوع من المهارات العقلية قابل للتنمية والتحسين والرعاية عن طريق التدريب والممارسة. ومن العبث الظن بأن هذه القدرات وراثية لا يستطيع الإنسان تعديلها وتبديلها.
إن النقاط السابقة لا تحيط بطبيعة الموهوبين والمبدعين، ولكنّها تُصوِّب نظرتنا إلى علاقة الذكاء بالإبداع، وتدعونا إلى رعاية الأطفال كلهم لنحرِّض طاقاتهم ومواهبهم الدفينة، وتبعدنا عن الظن بأن الموهوب متفوّق في المجالات جميعها، وتنبِّهنا على أن قدرات التفكير الإبداعي مهارات عقلية نستطيع تنميتها. وهناك، دون شك، أمور أخرى زخرت بها أدبيّات الإبداع، لا مفرّ لأي راغب في تربية الإبداع لدى الأطفال من معرفتها والغوص في دقائقها ليتمكّن من أداء عملّه على نحو علمي دقيق. وربّما كانت سمات الإبداع وقدراته أبرز هذه الأمور في رأيي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هدوء الليل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
هدوء الليل


انثى
عدد الرسائل : 161
العمر : 36
العمل/الترفيه : طالبة
نقاط التميز : 41
تاريخ التسجيل : 09/11/2008

أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Empty
مُساهمةموضوع: رد: أدب الأطفال وثقافتهم قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل   أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Emptyالأربعاء ديسمبر 17, 2008 12:20 pm


3- سمات الإبداع الأدبي وقدراته:

لا يستطيع أحد الادعاء بأنه راغب في تربية الإبداع الأدبي لدى الطفل إذا لم يكن يملك معرفة كافية بسمات الإبداع وقدراته. ذلك لأن الباحثين بذلوا كثيراً من الجهد لتعرُّف سمات شخصيّات المبدعين والقدرات الإبداعية التي يملكونها بغية الإحاطة بعملية الإبداع وضبطها والسعي إلى تنميتها. وعلى الرغم من أن هذه الدراسات تناولت المبدعين بعد أن اشتهروا في حقل الإبداع، فإن نتائجها قابلة للتعميم والتنبّؤ بالإبداع. وبتعبير آخر، فإن هناك سمات شخصية وقدرات عقلية معيّنة عملت معاً في أثناء إنتاج الآثار الإبداعية لدى المبدعين، ومن المتوقّع أن تؤدي العناية بهذه السمات والقدرات لدى الطفل إلى الإبداع في مراحل حياته اللاحقة، استناداً إلى إمكانية تعميمها وإنْ لم تكن شاملة المبدعين كافة.
تمثّل السمة عند علماء النفس (استعداداً عاماً أو نزعة عامة تطبع سلوك الفرد بطابع خاص، وتُشكّله وتلوّنه وتُعيِّن نوعه وكيفيّته. وهم يقصدون من استخدام هذا المفهوم للسمة إلى محاولة تفسير السلوك الظاهري للأفراد عن طريق افتراض وجود استعدادات معيّنة عندهم، تكون مسؤولة عن هذا السلوك وعن الثبات والأتساق الذي نلاحظه فيه...وأكثر الناس تسيطر على سلوكهم وتُشكّله مجموعة قليلة من السمات التي يمكن وصف شخصيّاتهم من خلالها، إضافة إلى أن كل فرد من الأفراد يتمتّع بعدد من السمات الصغرى التي تثيرها مجموعة من المنبّهات المحدودة الضيِّقة، وتنتج عن آثارها كذلك مجموعة من الاستجابات المحدَّدة الضيِّقة المكافئة لها.
ويمكن أن نطلق على هذه السمات الثانوية اسم الاتجاهات بدلاً من السمات، وذلك لتعدُّدها واتصالها بمواقف محدَّدة)(13) ثم إن هذه السمات التي تستعمل في وصف الشخصية متنوِّعة، تبدو أحياناً متناقضة وغير شاملة المبدعين كلهم، ولكنها في الحالات كلها تُشكّل الدوافع الداخلية والمزاجية للإبداع، ومن أبرزها: السيطرة، والاستبطان (التأمُّل الذاتي)، وتقبُّل الذات، والرصانة، والاستقلال، والبعد عن الانصياع، والصحة النفسية، والتحرُّر من الانضباط الزائد، والبعد عن العصابية، وغير ذلك.
أما القدرات العقلية للإبداع فقد سُمِّيت قدرات التفكير الابتكاري، كما سُميِّت أيضاً الخصائص العقلية للإبداع. ومهما تكن التسميات -وهي مترادفة تقريباً- فإن هناك إجماعاً على اعتماد ماقدَّمه (جيلفورد) حولها. إذ نصَّ على ثلاث قدرات هي: الطلاقة والمرونة والأصالة (14). ولكن أحد الباحثين العرب (15) أضاف إليها قدرتين أخريين هما: مواصلة الاتجاه واللغة. ويكاد الإجماع ينعقد على أن (الأصالة) أكثر القدرات الإبداعية أهمية، بل إن بعضهم أطلق عليها تسمية (حجر الرحى في تكوين العقل الإبداعي). والمراد بهذه القدرة إنتاج أفكار جديدة أو طريفة. وقد لاحظ الدارسون(16) أن استجابات المبدع الأصيل تتسم بالمهارة والبراعة أو تكون غير شائعة، أو تبدو العلاقات بعيدة بينها. كما لاحظوا أن المبدع نفسه ميَّال إلى التعبير الجمالي والتفكير التأمُّلي المنطلق. أما الطلاقة فهي القدرة على إنتاج عدد كبير من الأفكار في وقت واحد، أو هي السهولة والسرعة التي تتم بهما التداعيات(17). في حين يُراد بالمرونة السهولة التي يُغيِّر بها الشخص موقفاً ما أو وجهة عقلية معيّنة(18).... كما يُراد بمواصلة الاتجاه قدرة المبدع على تركيز انتباهه وتفكيره في مشكلة معيّنة زمناً طويلاً جداً.(19).
إن الإطار العام السابق للسمات والقدرات مفيد في تعرّف عملية الإبداع العلمي والفنّي معاً. فإذا رغبنا في تخصيص القول بالإبداع الفنّي عموماً وبحقل من حقوله، هو الإبداع الأدبي، خصوصاً واجهتنا قضايا دقيقة، كالخبرة الجمالية والقدرة المعرفية والتخييليّة واللغوية والتعلُّق بالأدب ومهارة اختيار الأدوات الفنيّة واستعمالها وتوظيفها، وغير ذلك مما يُعين على الصناعة الأدبية ويُنمِّي موهبة الطفل فيها.

4- تربية الإبداع الأدبي:

إذا توافر المناخان العام والخاص للإبداع، وأضحت السمات والقدرات معروفة، غدت الطريق ممهَّدة أمام التربية للإسهام في تنمية الإبداع الأدبي لدى الأطفال. وأودّ قبل أن أُقدِّم اقتراحي الخاص الإشارة إلى الأمور الآتية:

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
هدوء الليل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
مشرفة قسم النثر و أدب الطفل
هدوء الليل


انثى
عدد الرسائل : 161
العمر : 36
العمل/الترفيه : طالبة
نقاط التميز : 41
تاريخ التسجيل : 09/11/2008

أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Empty
مُساهمةموضوع: رد: أدب الأطفال وثقافتهم قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل   أدب الأطفال وثقافتهم  قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل Emptyالأربعاء ديسمبر 17, 2008 12:21 pm

أ- هل نربي الإبداع الأدبي لدى الطفل الفرد أو لدى جماعة الأطفال؟! الحقّ أن غالبية أدبيّات الإبداع ميَّالة إلى تربية الإبداع لدى الطفل الفرد لأنها مؤمنة بأن الإبداع عملية فردية لا يلتقي فيها مبدعان، ولا يمكن للجماعة أن تنهض بها للفروق الفردية بين المبدعين ولتنوُّع سماتهم وقدراتهم. بيد أن هناك أدبيّات أخرى قليلة تميل إلى الإبداع الجماعي(20) وتراه ممكناً، انطلاقاً من إيمانها بالجماعة وابتعادها عن الفردية. على أن واقع الإبداع يشير إلى أن الحقل الأدبي يحتاج إلى العناية بالطفل الفرد، في حين يستطيع حقل البحوث الأدبية العناية بالإبداع الجماعي والاستعانة بتقنيات العصف الذهني وغيرها. ولكن الواقع العربي لا يسمح بتربية الإبداع الأدبي لدى الطفل الفرد، ولهذا السبب لابدَّ من وضع الطفل الموهوب ضمن أقرانه، على أن يكون عدد الموهوبين في مكان التدريب قليلاً بحيث يستطيع المشرف العناية بهم فرداً فرداً. وعلى الرغم من أن هذا الحل واقعي بالنسبة إلى المجتمع العربي، فإن اللجوء إليه يحمل معه دائماً خطر الابتعاد عن الإنجازات الإبداعية الجيدة في الأعمال الأدبية التي تستند إلى الرؤى والخبرات الجمالية المتنوّعة.
ب- يتصل بالأمر السابق سؤال آخر هو: هل نعزل الموهوبين أو نتركهم صحبة أقرانهم العاديين؟ إن الإجابة عن هذا السؤال مازالت موضع خلاف، فقد جرّبت دول العالم النوعين. والمعروف أن الاتحاد السوفييتي السابق عزل الموهوبين في الموسيقى والبالية في مدارس خاصة، وترك الباقين في صفوف عادية خلال السنوات الثماني الأولى من الدراسة، ثم أخضعهم لبرامج معيّنة تلائم مواهبهم. وقد أثبتت إحدى الدراسات العربية(21) ضرورة عزل الموهوبين في صفوف خاصة لأن ذلك يضاعف تفوٌّقهم، ويجعلهم يحافظون على مركز الصدارة، ويتيح لهم فرص النشاط القيادي ومصاحبة أقرانهم الموهوبين والابتعاد عن مشاكسات أقرانهم العاديين، إضافة إلى التنافس والرضى النفسي وجودة المناخ الاجتماعي(22). على أنني لم أعثر على مثال واحد يعزِّز القول بضرورة عزل الموهوبين في الأدب، في حين تترى أمثلة العزل في حقلي الموسيقى والباليه، وتكثر جداً في حقول الإبداع العلمي. وربّما رجع ذلك إلى حاجة الإبداع الأدبي إلى الفردية، أو رجع إلى اهتمام المجتمعات الحديثة بالعلم وإهمالها الأدب. ومهما تكن الأسباب فإن الواقع الموضوعي في الوطن العربي لا يسمح في الغالب الأعم بإنشاء مدارس خاصة، وماتوافر من هذه المدارس في بعض دول الخليج وفي مصر يُعدُّ إرهاصاً لابدَّ من الاستمرار في دراسته دراسة علمية للنهوض ببرامجه وأساليب رعاية الموهوبين فيه. والسائد الآن أن تلجأ غالبية الدول العربية إلى زجّ الموهوبين في الصفوف صحبة أقرانهم العاديين، وتخصيص أمكنة معيّنة لهم يمارسون فيها نشاطاتهم خارج الدوام المدرسي.
ج- كما يتصل بالأمرين السابقين أمر المشرفين على تربية الإبداع الأدبي لدى الأطفال. ذلك لأن المعلّم العادي لا يصلح للإشراف لافتقاره إلى معرفة طبيعة الأجناس الأدبية. ولهذا السبب يسعى المجتمع العربي إلى الإفادة من الأدباء في تقديمه العون للمشرفين الذين تلقوا تدريبات جديدة تُؤهلّهم لتلمُّس الإبداع ومعرفة طبائع المبدعين في الحقل الأدبي. وعلى الرغم من ذلك فإن هناك نقصاً فاضحاً في إعداد المشرفين يخص جانب (التفكير) في علاقته بالثقافة. فمن أساليب تربية الإبداع تدريب المشرفين على نبذ التفكير الخرافي والتسلُّطي واللفظّي(23) لدى الأطفال، وطبعهم على سمات التفكير العلمي، وخصوصاً: التراكمية والتنظيم والبحث عن الأساليب والشمولية واليقين والدقة والتجريد(24)، وقيادتهم إلى التفكير السليم(25) في الواقع المحيط بهم، تجسيداً لما هو معروف من أن الأديب الحقّ يعكس الخاص والجوهري في موضوع ملاحظته الآخرين. فهو يدخل عالمهم الداخلي، ويعيش حياتهم، ثم ينظّم ملاحظاته ويسكبها في تعبير جمالي (26) لئلا يخسر التعبير الإبداعي(27) الذي يعيد إنتاج الواقع الموضوعي بوساطة الفن، غير أن العناية بالتفكير لا تكفي وحدها، لأن المشرف مطالب بربط تفكير الموهوب بالثقافة، تبعاً لكون الثقافة تُحدِّد التفكير وتبسط ظلّها عليه. والمشكلة التي يواجهها المشرف العربي هي: هل يربط تفكير الطفل الموهوب بالثقافة العربية السائدة؟! إنْ فعل ذلك جعل الطفل الموهوب يعيدُ إنتاج الذات البطركية في المجتمع العربي التسلُّطي، وإنْ دفعه بعيداً عن هذه الثقافة خلعه من مجتمعه وسمح له بالاغتراب الثقافي. وللتخلُّص من هذا الإشكال ينصح العاملون في حقل الاتصال الثقافي أن يربط المشرف الطفل الموهوب بالإيجابي في الثقافة العربية انطلاقاً من هدف رئيس هو الثقافة الملائمة للحاضر والمستقبل، القادرة على بناء شخصية متكاملة متوازنة للطفل الموهوب(28)، أو مايمكن وصفه بالثقافة الدينامية، وليست القضية هنا قضية مفردات الثقافة، بل هي الأساليب والوسائل التي تتيح للطفل فرص امتصاص الإيجابي من ثقافة مجتمعه، إضافة إلى تدريبه على مهارة الإفادة من الثقافة دون عون من الآخرين، والتزام مواقف ومعايير ذاتية واجتماعية (29) تُمكنِّه من اختيار طريقه في حياة ذات ثقافة متجدِّدة متغيِّرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أدب الأطفال وثقافتهم قراءة نقدية الدكتور سمر روحي الفيصل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سكيكدة (منتدى سكيكدة الأول )  :: منتدى الأدب العربي :: قسم دراسات أدبية-
انتقل الى: