mohamed مشرف منتدى الأدب العربي
عدد الرسائل : 63 العمر : 37 العمل/الترفيه : مرح مدينتك : سكيكدة نقاط التميز : 32 تاريخ التسجيل : 02/11/2008
| موضوع: حُب و عصافير لسهيل الشعار ...* قصص قصيرة * السبت ديسمبر 06, 2008 5:50 pm | |
| المتشردة
وجدت ((ستريلا))، أخيراً، مكاناً تقضي فيه هذه الليلة المثلجة..
كان باب الزريبة مفتوحاً، فدخلت بحذر مبللة بمطر بارد، تشمّمت المكان جيداً، ثم أخذت لنفسها زاوية في صدر الزريبة، جلست متكوّرة على نفسها كسلحفاة عجوز.
((إنه مكان بارد جداً، رطب ومتعفّن.. لا بأس، سأمضي هذه الليلة هنا. والصباح رباح.))
فكّرت ستريلا بينها وبين نفسها، ثم أغمضت عينيها وغفت... لكنها استيقظت بعد قليل مذعورة، خائفة، حدّقت نحو الباب المفتوح وهرّت بصوت خافت، مبحوح:
هر... هر... رر... ...
لم يكن داخل الزريبة أحد، لكن ستريلا، كانت قد حلمت منذ قليل برجل نحيف الوجه، طويل القامة، يحمل بيده مكنسة وينهال عليها بقسوة...
عندما تذكّرت ستريلا الحلم مرة أخرى، هرّت من جديد وهي تحدّق إلى الباب الخشبي المخلوع، كأنها تتوقع دخول ذاك الرجل الغريب بين لحظة وأخرى..
لم يكن في الخارج سوى هدير العاصفة، وتساقط الثلوج، وكانت ستريلا متعبة جداً في هذا اليوم البارد الحزين، فقد دارت شوارع البلدة كلها، لكنها لم تعثر إلاّ على قطعة خبز يابسة، وبعض قشور الموز والتفاح.
كانت متعبة حقاً وجائعة، فحاولت النوم بعد أن اطمأنت أن كل ما شاهدته كان حلماً غريباً، مزعجاً. -2-
لكن.. مرة أخرى ظهر في مخيلتها صورة وجه غريب لرجل طويل القامة، نحيف، لم تره ستريلا في حياتها.. تقدّم نحوها أمسكها من ذيلها وصاح مزمجراً:
ستريلا... لا... لا...
ثم رفعها وخبطها خبطة عنيفة على الحائط...
استيقظت ستريلا مرعوبة منزعجة، وشرعت تركض في جميع الاتجاهات... فاصطدمت بالحائط، ثم بباب الزريبة القديم، لكنها تمالكت نفسها ووقفت أخيراً مستعدة للمهاجمة وهي تهرّ بعصبية، وبصوت خافت مليء بالرعب: هر.. هر.. رر..
-ربما تكون هذه الزريبة المهجورة، مسكونة بالجن والعفاريت!؟
تساءلت ستريلا وهي تحدق إلى الباب المفتوح، ثم نبحت حين تراءى لها شبح رجل ما..
كانت العاصفة تزداد ضجيجاً في الخارج، والرياح تعصف وتنفخ في وجه الأشجار كالأفاعي، فتتحرك العلب الفارغة والأكياس في شوارع البلدة النائمة..
حاولت ستريلا البحث بعينيها الخائفتين، المضطربتين عن ذاك الرجل الغريب، الذي لا تعرف من أين جاءها في آخر أيامها المعدودة!
تشمّمت الزريبة كلها، شبراً شبراً... لكنها لم تجد سوى رطوبة عفنة، وبرد مميت، عادت إلى مكانها، لكنها فكرت قبل أن تجلس:
لعل مكاني هنا غير مناسب؟
انتقلت إلى زاوية أخرى، غير أنها بقيت لعدة ساعات مستيقظة، قلقة وخائفة، تحدق بعينين مستغربتين في الظلام الموحش.
لكنها كانت حقاً متعبة في ذلك النهار، فلم تستطع مقاومة النعاس الذي اقترب أخيراً من عينيها وأطبقهما بهدوء ثقيل...
تذكّرت ستريلا، أنها هاجمت عدة دجاجات منذ حوالي أسبوع، نتيجة لجوعها الشديد، واستطاعت أن تفترس دجاجة كبيرة، ثم حملتها إلى مكان بعيد خارج البلدة.
قالت مؤنّبة نفسها:
ربما تكون هذه الأحلام المرعبة هي عقابك يا ستريلا!
لكنها ما لبثت أن برّرت عملها:
-لكنني وحيدة... ماذا أفعل إذا عضّني الجوع بقسوة؟ هل أموت!؟ -3-
هذه المرة، جاء الرجل أيضاً... حمل ستريلا من ذيلها، ولوّح بها فوق رأسه ثم رماها خارج الزريبة وركض خلفها... أمسكها مرة أخرى، رفعها وخبطها خبطة بجذع شجرة كبيرة... وقبل أن تستيقظ ستريلا اقترب الرجل الغريب منها ثم وقف أمامها قائلاً:
هذا لا يكفي... آه يا ملعونة الوالدين...
سحب مدية حادة، طويلة، وهجم على ستريلا المسكينة، الممددة فوق الثلج... لكن ستريلا فتحت عينيها تلك اللحظة، وقفزت منطلقة تعدو خارج الزريبة المهجورة... | |
|