وردة حمراء.. لحبيبتي…
[size=29]
هذه المرة، سيكون الوضع مختلفاً تماماً… لأنني اتخذت قراراً مهماً وخطيراً للغاية يتعلّق بحياتي الشخصية، وبعيني الموظفة الحلوة التي تعمل في القسم المجاور لقسمي، داخل مؤسسة كبيرة… كبيرة…
القرار لن أقوله لأحد أبداً، حتى إني حاولت مراراً أن أنساه لبعض الوقت لشدة خطورته، ومأساويته.
قرار… لا يخطر على بال العفاريت والشياطين الزرق والحمر، والملونة، قرار… لا يمكن أن يفكّر فيه إلاّ إنسان حزين ومجنون مثلي.
والسماء تمطر، تمطر خارج غرفتي بشراسة.. وأنا، أحاول أن أكون هادئاً، متزّناً، أمام الآنسة الحلوة التي سأحضر اليوم مبكّراً لأجلها… وأقول لها أشياء على شكل اعترافات تتعلق أيضاً بالقلق والكآبة، الوحدة والعزلة القاتلة، والحب الموجع، الموجع جداً.
سأصل إلى مكان عملي في الساعة العاشرة والنصف، وبذلك أكون قد حضرت قبل الوقت المحدد لدوامي الرسمي بحوالي ثلاث ساعات… لأنني –أنا شخصياً- وأعوذ بالله من قولة أنا، دوامي مسائي، أو على الأصح، بعد الظهر، والآنسة الحلوة، والتي من المفترض أن أحضر لأقول لها، ولأعترف أمامها بأشياء ليست في البال ولا في الخاطر سيكون دوامها صباحياً، وبالتالي، سوف يستغرب رئيسي المباشر ويسألني:
"شو شايفك مبكّر؟!"
طبعاً… لن أعترف أمامه بأي شيء، وبالتالي لن أخبره عن سبب مجيئي المبكر، وربما سأقول هارباً من سؤاله:
"بكّير من عمرك يا معلم… الحقيقة جئت لأقول لك شخصياً صباح الخير".
سأنتظر في الممر، وحين أرى الآنسة الحلوة، صاحبة الشعر الساحر، والعينين الفاتنتين، اللتين حضرت من أجلهما تماماً، وتحديداً… وبالضبط، عندما أراها سوف أقترب منها بهدوء وثقة عالية بالنفس وبالروح وبالقلب… وبأشياء أخرى… سأقترب، وسيكون معي بالتأكيد وردة حمراء:
"صباح الخير… أريد أن أتكلّم معك بموضوع خاص وشخصي جداً."
وأول شيء سأقوله –بعد أن نكون قد جلسنا في مكان بعيد عن "العجقة"، والفوضى والثرثرة… وأنظار الناس:
أولاً صباح الخير مرة ثانية… وعاشرة…
وثالثاً: أنا شخصياً، لا أعرف السباحة، أحب أن ألفت نظرك لهذه المسألة، لأن بجوار غرفتي الصغيرة، والوحيدة، هناك بركة ماء عميقة، عميقة جداً…
وإذا لم تقبلي هذه الوردة الحمراء، فإنني، وبالطبع، ستفهم علي… وستأخذ الوردة من يدي المرتجفة، وربما سيكون بيننا في المستقبل كلام جميل، وورود أجمل.
لكنني… لم أستطع الذهاب… تجاوزت الساعة العاشرة والنصف... ولم أذهب… لأنني وجدت نفسي أخطو نحو البركة القريبة من غرفتي… وقفت هناك، تأملت الدنيا من حولي لعدة دقائق… ثم نزلت- بثيابي الكاملة- وبهدوء وحذر شديدين…
في البداية… أمسكت يدي بغصن شجرة كانت قريبة أيضاً… أحسست بعد لحظة تماماً بأن الغصن بدأ ينسلخ عن الشجرة، ينسلخ بهدوء… بهدوء… ثم انكسر فجأة، وبسرعة…
ها أنذا أغرق… أغرق… أغر أ. غـ غـ غـ..
[/size]